وأمّا المستند للأصل المذكور ، فقد ذكر له وجوه :
الأول : إنه مقتضى الطبع. لأنّ مقتضى الحال وطبع الطلب أنْ يكون المتكلّم في مقام بيان مقصده باللّفظ ، نظير قول الفقهاء : بأنّ الأصل في المبيع هو السّلامة من العيب ، لكونه مقتضى الطبع الأولي.
وفيه : إنّ هذا الوجه لا يكفي لأنْ يؤخذ بإطلاق الكلام ، لأنّ المفروض أنّ المتكلّم قد استعمل اللّفظ ـ اسم الجنس مثلاً ـ في معناه الموضوع له ، وأنّ الإطلاق غير داخل فيه ، فمع الشك في كونه في مقام بيان تمام مراده أيّ معنى لمقتضى الطبع الأوّلي ليحمل الكلام على الإطلاق؟
الثاني : أصالة التطابق بين مقام الثبوت ومقام الإثبات. فالإطلاق في مقام الثبوت أن يكون فرد المتكلّم هو الطبيعة. ولمّا لم يأتِ في مقام الإثبات بقيدٍ وكان الكلام ظاهراً في الإطلاق حصل التطابق ، ولو كان مهملاً في مقام الثبوت لما حصل.
وفيه : إنه مع احتمال كون المتكلّم مهملاً في مقام الإثبات ، لا يحصل الكشف عن مقام الثبوت والتطابق بين المقامين ، والمفروض هو الشك في مقام الإثبات.
الثالث : السيرة العقلائية. فقد جرت سيرة أهل المحاورات على التمسّك بالإطلاقات فيما إذا لم يكن هناك ما يوجب صرف الكلام إلى جهةٍ خاصّة.
هكذا استدلّ في (الكفاية) (١) ، بل في (المحاضرات) (٢) نسبته إلى
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٤٨.
(٢) محاضرات في اصول الفقه ٤ / ٥٣٥.