زمانٍ واحدٍ في طلب النقيضين تعييناً أو تخييراً ، وعليه يتفرّع وقوع التزاحم في التأثير فيما كان كلّ من الضدين اللذين لا ثالث لهما مشتملاً على المصلحة أو المفسدة الداعية إلى جعل الحكم على طبقها ، وفيما إذا كان أحد المتلازمين دائماً مشتملاً على مصلحة والآخر مشتملاً على مفسدة ، فإنه في جميع ذلك يستحيل جعل الحكم على طبق كلٍّ من الملاكين تعييناً أو تخييراً ، لرجوعه إلى طلب النقيضين المفروض استحالته ، فلا بدّ من جعل الحكم على طبق أحد الملاكين إنْ كان أحدهما أقوى من الآخر ، وإلاّ فلا يؤثّر شيء منهما في حمل الحكم على طبقه (١).
وحاصل كلامه : إنه لا يعقل التزاحم ، لأنه إن كان في مرحلة الامتثال ـ الراجع إلى عدم قدرة المكلّف على امتثال كلا التكليفين ـ فالفعل والترك متناقضان ، فجعل الاستحباب لكليهما تعييناً طلب للنقيضين ، وتخييراً تحصيل للحاصل. وإن كان في مرحلة الجعل ، فإنه يقع الكسر والانكسار بين الملاكين ويصدر الحكم طبق الملاك الغالب منهما ، فإنْ لم يكن فالإباحة ... فأين التزاحم بين استحباب الفعل واستحباب الترك؟
وقد أجاب السيد الخوئي ـ في هامش الأجود ـ بما حاصله : أنه لو كان متعلَّق الأمر حصّة من الطبيعة ، وكان لنقيض تلك الحصّة فردان ، فلا مانع من تعلّق الأمر بالحصّة وبأحد النقيضين لها. وما نحن فيه من هذا القبيل ، لأنَّ الأمر بصوم عاشوراء قد تعلَّق بالإمساك فيه بقصد القربة ـ لا بمطلق الإمساك ـ ولنقيض هذا المتعلَّق فردان ، أحدهما : ترك الإمساك رأساً ، والآخر الإمساك لا بقصد القربة ،
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ / ١٧٣.