وقد أورد عليه شيخنا : بأنّه يستلزم أن يكون أحد النقيضين أعمّ من النقيض الآخر ، وذلك : لأنّ وجود الطبيعة وعدمها متناقضان كما هو معلوم ، فإن قلنا بوجودها بوجود فردٍ ما من أفرادها أمّا عدمها فلا يصدق بعدمه بل بعدم تمام أفرادها ، لزم أن تكون دائرة العدم بالنسبة إلى هذه الطبيعة أوسع من دائرة الوجود ، ولازم ذلك ارتفاع النقيضين ، لأنه في حال وجود الفرد الواحد فقط ، لا يصدق العدم على الزائد عنه كما لا يصدق الوجود ، وهو محال.
وعلى الجملة ، فإنه إذا كان وجود الطبيعة بصرف وجود فردٍ ما ، فإنّ نقيض صرف الوجود هو صِرف العدم لا عدم جميع أفرادها ... ولو قيل : بأنّ الوجود المضاف إلى الطبيعة يقتضي صرف الوجود ، أما العدم المضاف إليها فهو عدم صرف الوجود ، وهذا يلازم عدم جميع الأفراد ، فهو توهم باطل ، لأنه يستلزم تحقّق المعصية بالفرد الأوّل ، وأنه لا معصية بارتكاب الأفراد الأُخرى ، وهذا خلاف الضرورة ....
وتلخّص : أن الفرق بين مقتضى الأمر والنهي ليس بحكم العقل.
وذهب المحقق الأصفهاني : إلى أن الفرق ناشئ من الاختلاف في الإطلاق ، فإن مقتضاه في الأمر هو صرف الوجود ، أمّا في النهي فهو ترك جميع الوجودات ... وقد أوضح ذلك : بأنه لمّا كان الأمر ناشئاً عن المصلحة ، فإنّها تتحقّق بصرف وجود المتعلّق ، والنهي لمّا كان ناشئاً من المفسدة في المتعلّق ، فلا محالة يكون الإطلاق فيه مقتضياً للانزجار عن جميع وجودات المتعلّق ، لأن المصلحة تترتب تارةً : على صرف الوجود ، وأُخرى : على مجموع الوجودات