وأشكل في (المحاضرات) بعد الإشكال على ما ذكر في (الكفاية) بناءً على الجواز ، بعدم تمامية كلامه بناءً على الامتناع أيضاً ، لأنه على القول بذلك وتقديم جانب النهي ، تدخل المسألة في كبرى باب التعارض وتجري عليه أحكامه ولا تكون من صغريات التزاحم كما ذهب إليه. (قال) : ويمكن المناقشة على وجهة نظره أيضاً ، لأنه يريد تصحيح العمل بقصد الملاك ، لكنّ قصد الملاك إنّما يكون مقرّباً فيما إذا لم يكن مزاحماً بشيء ، ولا سيّما إذا كان أقوى منه كما هو المفروض في المقام ، وأمّا الملاك المزاحم فلا يترتب عليه أيّ أثر ولا يكون قصده مقرباً بناءً على ما هو الصحيح من تبعية الأحكام للجهات الواقعية لا الجهات الواصلة ، والمفروض أن ملاك الوجوب مزاحم بملاك الحرمة في مورد الاجتماع ، فلا يصلح للمقربية ... فلا يمكن الحكم بصحة العبادة على القول بالامتناع ، لا من ناحية الأمر وانطباق المأمور به على الفرد المأتي به ، ولا من ناحية الملاك (١).
وأجاب الأُستاذ : بأنْ دخول المسألة على الفرض المذكور في كبرى التعارض هو الصحيح وفاقاً للشيخ الأعظم ، كما سيأتي بالتفصيل. لكنّ الإيراد على صاحب (الكفاية) بناءً على مسلكه من كونها من باب التزاحم ، غير وارد ، لأنه قد جعل قوام اجتماع الأمر والنهي وجود الملاك لكلٍّ من الدليلين ، وقوام باب التعارض عدم وجوده في أحدهما ، وعلى هذا لا يتوجّه عليه الإشكال إلا من حيث المبنى.
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٣ / ٤٣٦ ـ ٤٣٧.