وأمّا في العام المخصّص ، حيث يستعمل اللّفظ في الكلّ الموضوع له ويراد الجزء ، فليس الاستعمال حقيقيّاً ولا مجازيّاً ، لأنا قد استعملنا اللّفظ في معناه الموضوع له ، لكنْ لم نقصده فلم يثبت عليه ولم نقصد به العبور إلى معنىً آخر ليكون مجازاً ... اللهم إلاّ أن ندّعي في الفرد الواحد من العلماء أنّه كلّ العلماء ، فنقول : جاءني كلّ العلماء والمقصود هو وحده ، فيكون مجازاً ، لكنّ العمومات المخصّصة لا يوجد فيها مثل هذا القصد.
فهذا طريق هذا المحقق بعد الإشكال المذكور على صاحب (الكفاية) ، وهو موجود في حاشية الإيرواني أيضاً.
لكنْ يرد عليه : أن الاستعمال الذي ليس بحقيقةٍ ولا مجاز غير معقول ، لا على مسلك المشهور ولا على مسلكه من أنّ المجاز عبور اللفظ عن المعنى الحقيقي وجعل المعنى الآخر من معناه أيضاً ادعاءً ... فإن الاستعمال ـ على كلّ تقدير ـ إمّا حقيقة وامّا مجاز ولا ثالث.
وأمّا الإشكال المشترك على (الكفاية) من أنه في كلّ موردٍ لا يُوجد فيه التطابق بين الإرادتين فليس بموردٍ لبناء العقلاء في استكشاف المراد من اللّفظ المستعمل ، ففيه :
إنه يمكن قلب الإشكال بأنْ يقال : إنه لمّا يخصّص العامّ بالمخصّص المنفصل ، لا يكون تطابق بين الإرادتين وإلاّ لم يكن التخصيص ، فإذن ، يكون بين الإرادتين مخالفة ، ومع المخالفة بينهما فلا بناء للعقلاء من أجل استكشاف المراد ، لأنّ هذا البناء ـ كما قال ـ إنما هو في المورد الذي يستعمل فيه اللّفظ للغاية الطبيعيّة ، ومع عدم التطابق كيف يحصل الكشف عن الحجيّة والمراد الجدّي للمتكلّم؟