وبما ذكرنا ظهر الجواب عمّا أشكل به المحقق العراقي (١) من أنّ الانصراف الذي ذكره صاحب (الكفاية) في الجهة الثالثة يزاحم ظهور الأدوات في الخطاب الإنشائي ، فلا تحصل النتيجة المقصودة من البحث وهو عموم خطاب الكتاب والسنّة.
وذلك لأن صاحب (الكفاية) أفاد بوجود قرائن مع خطابات الكتاب والسنّة توجب اليقين بعدم اختصاصها بالحاضرين ، فلا مزاحم للظهور ، وإنّما يكون الانصراف إلى الخطاب الحقيقي حيث لا قرينة قطعيّة.
وأشكل السيد البروجردي (٢) على الجهة الثانية بعدم إمكان توجّه الطلب إلى المعدوم ، لأنه في ظرف العدم «لا شيء» وتعلّق الطلب ب «لا شيء» غير معقول ... ففي ظرف خطاب «يا أيها الناس» لا يوجد «ناسٌ» حتى يعمّهم. فالصحيح هو أنْ متعلّق الطلب دائماً يكون مفروض الوجود ، وأنّ الخطابات الشرعية كلّها بنحو القضيّة الحقيقية.
وقد أجاب شيخنا عن الإشكال بالنقض بمثل الإجارة ، حيث أنّ المنفعة في حين الإجارة معدومة ، فلا يملكها المستأجر ، وفي ظرف وجودها تكون متصرّمة الوجود ، فلا تصلح للإجارة ، فلا بدّ من القول ببطلان كتاب الإجارة.
فإن قيل : الإجارة تسليط المستأجر على العين لاستيفاء المنافع ، فلا نقض.
قلنا : فما تقولون في تمليك الانتفاع في كتاب العارية؟ على أنّه في الإجارة
__________________
(١) نهاية الأفكار (١ ـ ٢) ٥٣٣.
(٢) نهاية الاصول : ٣١٥.