وهنا مطالب :
إن العام والمطلق كليهما يفيدان شموليّة المفهوم ، إلاّ أن الأوّل يفيد ذلك بحسب وضع الأداة ، والمطلق يفيده ببركة مقدّمات الحكمة. هكذا قالوا.
والتحقيق هو : إن الحكم في المطلق يتوجّه إلى الطبيعة بما هي ، وأمّا الخصوصيّات ، فقد وقع الخلاف بينهم في أنها تُلحظ وترفض أو لا تلحظ أصلاً ، وقد اختار الأُستاذ ـ في الدورة السّابقة ـ الأول من القولين. هذا بحسب مقام الثبوت.
أمّا في مقام البيان ، فالموجود في هذا المقام هو البيان بالنسبة إلى الطبيعة وعدمه بالنسبة إلى الخصوصيّات ، فهو يلحظ الرقبة ويلحظ خصوصياتها بنحو الإجمال ويرفضها ، ولذا كان الإطلاق في مقام الإثبات عدميّاً ، فالمتكلّم مع كونه في مقام البيان لم يبيّن دخل الخصوصيّة في حكمه ، فكان عدم البيان دليلاً على عدم الدخل.
وأمّا في العام ، فإن الخصوصيّات تلحظ وتؤخذ ، فإذا قال : أكرم كلّ عالم ، دلّ بكلمة «كلّ» على أخذه جميع الخصوصيّات ونزول الحكم عليها ، ولذا قال المشهور بعدم الحاجة فيه إلى مقدّمات الحكمة خلافاً للميرزا كما سيأتي.
وبما ذكرنا يظهر : إن الشمول في طرف الإطلاق لازم له وليس الإطلاق ، بخلاف العام فإن اللفظ يدلّ عليه بالمطابقة.
هذا ، ولا يخفى الأثر على هذا الفارق الجوهري بين المطلق والعام ، كقولهم بعدم وقوع التعارض بينهما ، لكون العام حاكماً أو وارداً على المطلق لأنه بيان والمطلق عدم البيان ... وإنْ خالفناهم في هذا المبنى ، كما سيأتي في محلّه.