وقال الميرزا رحمهالله (١) ما حاصله : إنّ الصحّة الظاهرية قابلة للجعل ، أمّا الواقعية التي هي انطباق المعتبر والممضى شرعاً على الفرد والحصّة من المعاملة ، فهي غير قابلة للجعل.
وفي (المحاضرات) (٢) ما حاصله : إن الصحة والفساد من الامور العارضة على الموجودات الخارجية ، أمّا نفس ماهيّة المعاملة فلا تتّصف بهما ، فلا بدّ من التفصيل بين العبادات والمعاملات : بأن يقال بالجعل في المعاملات دون العبادات ، والسرّ في ذلك هو أن العبادة متعلَّق الحكم كما في (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (٣) و «صوم الفطر حرام» (٤) مثلاً ، وأمّا المعاملة فهي موضوع للحكم وترتيب الأثر كقوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) (٥) فالبيع موضوع للنفوذ ، أي كلّما وجد شيء واتّصف بكونه بيعاً فهو نافذ مؤثر ، وكذا (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (٦) و «الصلح جائز» (٧) ونحوها. فكانت الصحّة في المعاملة قابلةً للجعل دون العبادة.
وقد أورد عليه الأُستاذ : بأنّ الوضع للموجود محال ، بل الموضوع له اللفظ هو المعنى المجرّد عن الوجود الذهني أو الخارجي ، لأن الغرض من وضع اللّفظ هو انتقال المعنى به إلى ذهن السامع ، فإذا كان المعنى موجوداً ـ ولو ذهناً ـ لم يقبل الوجود ثانياً.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ / ٢٠٩.
(٢) محاضرات في اصول الفقه ٤ / ١٤٢.
(٣) سورة البقرة : الآية ١٨٥.
(٤) وسائل الشيعة ١٠ / ٥١٤ ، الباب ١ تحريم صوم العيدين ، الرقم : ٣.
(٥) سورة البقرة : الآية ٢٧٥.
(٦) سورة المائدة : الآية ١.
(٧) وسائل الشيعة ١٨ / ٤٤٣ ، الباب ٣ : إن الصّلح جائز بين الناس.