على أيّة حصّةٍ منها بمقتضى الإطلاق في «صلّ» ، كانت الصّلاة في الحمّام مصداقاً للصّلاة الواجبة ، إلاّ أنّ النهي عن هذه الصّلاة يفيد مرجوحية تطبيق الطبيعة على هذه الحصّة ، كما أنَّ الأمر بتطبيقها على حصّة الكون في المسجد يفيد الرجحان والمحبوبيّة ، وذلك ، لأنّ الطبيعة المأمور بها في حدّ نفسها إذا كانت مع تشخصٍ لا يكون له شدّة الملاءمة ولا عدم الملاءمة ، يكون لها مقدار من المصلحة والمزية ، كالصّلاة في الدار مثلاً ، وتزداد تلك المزيّة فيما لو كان تشخّصها بماله شدّة الملاءمة ، وتنقص فيما إذا لم تكن له ملاءمة ، ولذلك ينقص ثوابها تارةً ويزيد اخرى ، ويكون النهي فيه لحدوث نقصانٍ في مزيّتها فيه إرشاداً إلى ما لا نقصان فيه من سائر الأفراد ويكون أكثر ثواباً منه ، وليكن هذا مراد من قال إن الكراهة في العبادة بمعنى أنها تكون أقل ثواباً.
هذا ، وقد وافق شيخنا على هذين الجوابين.
وأمّا القسم الثالث من العبادات المكروهة ، كالصّلاة في مواضع التهمة :
فقد أجاب في (الكفاية) : بأنْ حال هذا القسم حال القسم الثاني ، فيحمل على ما حمل عليه فيه طابق النعل بالنعل ، حيث أنه بالدقّة يرجع إليه ، إذ على الامتناع ليس الاتحاد مع العنوان الآخر إلاّ من مخصّصاته ومشخّصاته التي تختلف الطبيعة المأمور بها في المزيّة زيادةً ونقيصةً بحسب اختلافها في الملاءمة كما عرفت. وحاصل ذلك هو كون النهي ارشاداً إلى أقليّة الثواب كما تقدّم (١).
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٦٥.