القيدية نسبةٌ ، وكلّ نسبة فهي قائمة بين منتسبين.
الرابع : إنّه لا دليل من العرف وغيره على أنّ كلّ ما يكون قرينة في حال الاتصال فهو قرينة كذلك في حال الانفصال ، بل الأمر بالعكس ، فإنّ أهل العرف يرون الكلام الثاني ناسخاً وعدولاً عن الكلام الأول ... وعلى الجملة ، فإنّ المرجع في القرينية والبيانيّة هو العرف والسيرة العقلائية ، وهي في صورة الانفصال مفقودة إن لم يكن العكس كما ذكرنا.
وهذا تمام الكلام على طريق القرينيّة.
وذكر المحقق الحائري (١) لحمل المطلق على المقيد وجهاً آخر ومحصّل كلامه هو :
إن الدليلين المثبتين تارة يحرز وحدة الحكم فيهما ، واخرى لا يحرز وحدته ، ولو احرز ، فتارةً يحرز وحدة السبب واخرى لا يحرز.
فإنْ لم يحرز وحدة الحكم فيهما ، فهما خطابان مستقلاّن ، ولا يحمل المطلق منهما على المقيّد ، بل يكون كلّ منهما ظاهراً في مدلوله ، ولا ترفع اليد عن الظهور إلاّ بدليلٍ.
وإنْ احرز وحدة الحكم ، لكن لم يحرز وحدة السبب ، كما لو قال : أعتق رقبةً ، ثم قال : أعتق رقبةً مؤمنة ، والحكم واحد غير متعدّد ، فوجوه : أحدها الحمل على المقيّد ، والآخر حمل الأمر في المقيد على الاستحباب ، والثالث : التحفّظ على ظهور الأمر في المقيّد في الوجوب ورفع اليد عن ظهور قيد المؤمنة وحمله على الاستحباب. ولمّا كان كلٌّ من هذه الوجوه مستلزماً لرفع اليد عن الظهور
__________________
(١) درر الفوائد (١ ـ ٢) ٢٣٦ ـ ٢٣٧.