لكنّ الترخيص في التطبيق مع النهي عن الغصب محال ... فاستحال أصل التكليف ، وأنّ التمانع موجود بين الحكمين.
وبما ذكرنا ظهر وجود التضادّ بين الحكمين ، وأنه ليس في المبدا والمنتهى فحسب.
وقال المحقق البروجردي ما حاصله (١) : إنّه وإنْ تسالموا على التضاد بين الأحكام الخمسة لكنّ التحقيق خلافه ، لأنّ الوجوب والحرمة وغيرهما من الأحكام ليست من العوارض لفعل المكلّف ، بل هي بحسب الحقيقة من عوارض المولى ، لقيامها به قياماً صدوريّاً.
نعم ، للأحكام ثلاث إضافات لا يعقل تحقّقها بدونها ، فإضافة إلى المولى ، بالآمر والناهي ، وإضافة إلى المكلَّف ، ويتّصف بها بعنوان المأمور والمنهي ، وإضافة إلى المتعلَّق ويتّصف بها بعنوان المكلَّف به ....
لكنّ الإضافة شيء والعروض شيء آخر ، إذ ليس كلّ إضافة مساوقاً للعروض ، فالحكم من عوارض المولى فقط ، لصدوره عنه وقيامه به قيام العرض بمعروضه ، أمّا إضافته إلى المكلَّف والمتعلَّق فليس من هذا القبيل ، لعدم كونه ممّا يعرض عليهما خارجاً وعدم كونهما موضوعين للأمر والنهي ، بداهة أن العرض الواحد ليس له إلاّ موضوع واحد ... كيف ، ولو كانا من عوارض المتعلَّق ـ وهو فعل المكلَّف ـ لم يعقل تحقق العصيان أبداً ، لأنه متوقف على ثبوت الأمر والنهي ، ولو كانا من عوارض الفعل الخارجي توقف تحقّقهما على ثبوت الفعل في الخارج ـ ولو في ظرفه لو سلّم كفاية ذلك في تحقق العروض ـ وحينئذٍ ، فكيف يعقل
__________________
(١) نهاية الاصول : ٢٢٨ ـ ٢٣٠.