والثاني : عن طريق قصد الامتثال والطاعة ، فإنّه يكفي لعباديّة العمل وإنْ قيل بعدم كفاية قصد الملاك ، فكلّ عبادةٍ جامعةٍ للأجزاء والشرائط المعتبرة فيها ، يصحّ التقرّب بها بقصد إطاعة الأمر المتعلّق بها ، وهذا القصد يتمشّى من الجاهل عن قصورٍ بالموضوع والحكم.
والثالث : عن طريق القول بأن لوصول الملاك إلى المكلّف دخلاً في حسن الفعل أو قبحه ، فالمؤثر هو الملاك بوجوده العلمي لا الواقعي ، وعلى هذا ، فلمّا كانت مصلحة الصّلاة واصلةً فهي مأمور بها ، أمّا مفسدة الغصب ، فالمفروض عدم وصولها ـ للجهل القصوري ـ فلا أثر لها وإنْ قدّم النهي ، لأنّ تقديمه إنما هو بحسب الواقع ، وهو بلا أثر كما تقدم.
وقد أشكل السيد البروجردي (١) : بأنّ مقتضى التحقيق هو القول بدوران الأمر مدار الجهل والنسيان عن قصور ، فإنه إن كان كذلك حكم بصحة الصّلاة ، على القول بالجواز والامتناع معاً ، وإن كان عامداً أو جاهلاً مقصّراً حكم ببطلانها على القولين معاً ... وذلك : لأنّ الصّلاة في المكان المغصوب قد ابتلي ملاكها بالمبغوضيّة ، وكلّ عملٍ مبغوض فهو غير قابلٍ للمقربيّة ، إلاّ إذا كان جاهلاً عن قصورٍ لكون صلاته صالحة للمقرّبية ، سواء قلنا بالجواز أو بالامتناع ... (قال) ويشهد بذلك ذهاب القائلين بالجواز إلى بطلان العمل العبادي إلاّ من الجاهل القاصر لأنه معذور.
إنه لا بدَّ من تعيين الأساس في وجه القول بالجواز ، فإنْ كان مجرّد تعدّد
__________________
(١) الحاشية على الكفاية ١ / ٤٠١.