المشهور المعروف بين الأصحاب.
وقد أشكل عليه في (المحاضرات) بما حاصله : بأنّه ينفع في ما لو شك في أصل كون المتكلّم في مقام البيان أو الإهمال. أمّا لو شك في حدّ المراد كما هو الحال في مثل قوله تعالى (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) (١) في أنّه يريد الحليّة أو هي والطّهارة معاً ، فلا سيرة من العقلاء على جعل الكلام في مقام البيان من جهة الطّهارة أيضاً.
وأشكل الأُستاذ من ناحيةٍ اخرى ، فاعترف بتمامية السّيرة إلاّ أنها إنما تجري في كلام من دأبه بيان الخصوصيات في مجلسٍ واحدٍ ، وليس دأب الشارع هكذا ، فإنّ الخصوصيّات الدخيلة في الأحكام الشرعية قد ذكرت على لسان أحد الأئمة بعد أن جاءت المطلقات في القرآن أو في كلام النبي ... والحاصل : إنّ العقلاء إذا عملوا بأن دأب المتكلّم هكذا ، لا يتمسّكون بإطلاق كلامه ، بل سيرتهم في كلامه قائمة على على التوقف.
فالتحقيق هو التفصيل بين كلام غير الشارع ممن دأبه إعطاء الخصوصيّات في المجلس الواحد ، فالسيرة العقلائية جارية على الأخذ بإطلاق كلامه ، وبين كلام الشارع ، ففي كلامه يكون المستند للإطلاق هو سيرة المتشرعة ، فإنّ أصحاب الأئمّة عليهمالسلام وغيرهم لمّا كانوا يرجعون إليهم ويأخذون الحكم الشرعي منهم ، ما كانوا ينتظرون شيئاً ، بل كانوا يذهبون ويعملون بما أخذوه ، بل كان بعضهم ربما لا يرى الإمام بعد تلك الجلسة ... فهذه السيرة غير المردوعة من الأئمة هي المستند لأصالة البيان والأخذ بإطلاق الكلام بلا توقف.
وهذا تمام الكلام في المقدمة الاولى.
__________________
(١) سورة المائدة : الآية ٤.