مجيء العادل مجهول ، ومن المعلوم أنّ المعلومية والمجهوليّة ليستا إلاّ كالمحبوبيّة والمبغوضيّة والوجوب والحرمة ، فلو كان اجتماع عنواني الوجوب والحرام في مجمع الحيثيّتين موجباً لاجتماع الضدّين ، كان اجتماع عنواني المعلومية والمجهولية في مجيء العالم العادل أيضاً كذلك. والحاصل : إن الوجوب والحرمة لم يجتمعا في المتعلَّق كي يلزم المحذور ، بل محلّ اجتماعهما هو نفس المولى ، ولا محذور ، كما يجتمع فيها العلم والجهل ، وقد اضيف الحكمان إلى الخارج كلٌّ إلى جهةٍ كما في العلم والجهل ، ومع اختلاف الجهتين لا يلزم محذور اجتماع الضدّين.
فقد تقدّم الإشكال فيه. وأمّا التنظير بالعلم والجهل على ما ذكر ، فيرد عليه النقض : بأن لازمه أن يكون مثل : «أكرم العالم ولا تكرم الفاسق» من باب اجتماع الأمر والنهي ، فيما لو كان الرجل الواحد عالماً وفاسقاً معاً ، لاختلاف متعلّقي الأمر والنهي ، والحال أنه من باب التعارض.
وأمّا حلّ المطلب فهو : أن العلم والجهل وصفان لهما متعلَّقان متغايران ، إذْ تعلّق أحدهما بعنوان «العالم» والآخر بعنوان «العادل» ، أمّا في باب الأمر والنهي ، فإن المفروض أن السيد البروجردي يقول بوحدة المتعلّق ، وهو الوجود الذهني الحاكي عن الخارج والمرآة له ، فكيف يجتمع فيه الأمر والنّهي؟ وبعبارة اخرى : إن المفروض في الأمر والنهي وحدة المتعلَّق وهو الوجود ، بخلاف الحال في العلم والجهل ، فإنّ متعلَّق الأوّل حيثيّة علم زيد ومتعلَّق الثاني حيثيّة عدالته ، فقياس ما نحن فيه بالعلم والجهل مع الفارق.
وأمّا ما ذكره (١) من أنّ قضيّة الوجدان كون جواز الاجتماع من أبده
__________________
(١) نهاية الاصول : ٢٣٣.