الإطلاق ، ولو فرض عدم لحاظ خصوصيّات الأفراد ، لازمه ـ عقلاً ـ الترخيص في التطبيق على أيّ فردٍ يكون مصداقاً للطبيعة ، هذا في جانب الأمر. أمّا في جانب النهي ، فإنّه الزجر عن جميع الأفراد ... فالخصوصيّات موردٌ للتعرّض عقلاً وإنْ لم تكن مورداً لتعلَّق الأمر والنهي شرعاً ، وحينئذٍ ، يقع التمانع بين المدلولين العقليين الالتزاميين اللذين لا يمكن الانفكاك بينهما وبين الملزومين لهما ، فيمتنع الاجتماع.
وبعبارةٍ اخرى :
صحيح أنّ الإطلاق عبارة عن كون تمام الموضوع هو الطبيعة بلا لحاظٍ للأفراد والخصوصيّات وأنّه لا كاشفية لها عنها ، لكنّ جعل الإطلاق البدلي ـ وهو الذي في طرف الأمر ـ لا ينفك عقلاً عن لازمٍ هو الترخيص في التطبيق ، وجعل الإطلاقي الشمولي ، وهو في طرف النهي ، لا ينفكّ عقلاً عن لازم ، هو الزجر عن جميع مصاديق الغصب مثلاً ، وحينئذٍ ، يلزم التمانع بين اللاّزمين في محلّ الاجتماع بينهما ، وذلك يستلزم التمانع بين الملزومين ، وقد تقدّم استحالة الانفكاك بين اللّوازم والملزومات العقليّة ، فلا بدّ من رفع اليد عن أحد الإطلاقين أو كليهما ، وهذا يساوق الامتناع.
وما ذكر (١) من أنّ الوجوب والحرمة عرضان قائمان بالنفس ، وأن الخارج ليس بمعروضٍ للإرادة والكراهة والوجوب والحرمة ، نظير تعلّق العلم والجهل معاً بالحيثيتين المتصادقين ، فإنه أيضاً ممكن ولا يلزم منه محذور اجتماع الضدّين. فإذا تعلّق العلم بمجيء عالم غداً والجهل بمجيء عادل ، فاتفق مجيء عالم عادل ، فوجود هذا المجيء من حيث أنه مجيء العالم معلوم ، ومن حيث أنه
__________________
(١) نهاية الاصول : ٢٣٢.