أمّا في تلك المسألة ، فإن البحث في أن النّهي هل يوجب فساد العبادة أو المعاملة بعد الفراغ عن توجّه النهي إليها أو لا يوجبه؟
(قال) نعم ، لو قيل بالامتناع مع ترجيح جانب النهي في مسألة الاجتماع ، يكون مثل الصّلاة في الدار المغصوبة من صغريات تلك المسألة.
وحاصله كلامه : إن ما به الامتياز بين المسألتين هو الجهة المبحوث عنها في كلٍّ منهما ... وهذا لا ينافي أن يكون مورد البحث في مسألتنا من صغريات المسألة الاخرى ، على بعض التقادير ... فالفرق بين المسألتين في غاية الوضوح.
هذا ، وفي بيان الفرق بين المسألتين أقوال اخرى ، تعرّض في (الكفاية) لاثنين منها:
أحدها : إن البحث هنا عقلي ، وهناك في دلالة النهي لفظاً.
قال في (الكفاية) بفساد هذا القول ، لأنّ البحث هناك أيضاً عقلي ، على أن النهي في العبادة غير مختص باللّفظ.
والثاني : ما ذهب إليه الميرزا القمي (١) من أنّ الموضوع في تلك المسألة هو العام والخاص المطلق ، كالأمر بالصّلاة ، ثم النهي عن الصّلاة في الحمام ، فيبحث عن دلالة هذا النهي على فسادها وعدم دلالته ... أما في مسألتنا ، فالنسبة هي العموم من وجهٍ ، كما هو الحال بين الأمر بالصّلاة والنهي عن الغصب.
والثالث : ما ذهب إليه صاحب (الفصول) (٢) ـ بعد الإشكال في كلام الميرزا القمي ـ وهو إن الموضوع في مسألتنا مغاير تماماً للموضوع في تلك المسألة ، بخلاف مثل الصّلاة والصّلاة في الحمام ، فإن الموضوع متّحد وإنْ كان بينهما عموم مطلق.
__________________
(١) قوانين الاصول ١ / ١٤٠.
(٢) الفصول الغروية : ١٤٠.