وما كان صادراً لا من أجل بيان ذلك بل هو حكم ظاهري يكون مرجعاً عند الشك ، فالمتأخّر مخصّص له ، لعدم لزوم تأخير البيان عن وقت الحاجة.
فهذا تفصيل الشيخ و (الكفاية) ، وعليه العراقي والحائري والبروجردي.
إلاّ أنّ الكلام في قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة ، وأنّه بنحو الاقتضاء أو العلّة التامّة ... والظاهر أنه بنحو الاقتضاء ، فقد يتأخّر البيان عن وقت الحاجة لمصلحة فينتفي القبح حينئذٍ ... كما هو الحال في الكذب ، فإنّ قبحه اقتضائي وليس علّةً تامّة له ، بل قد يكون حسناً.
وإذا كان قبح التأخير اقتضائياً ارتفع المانع عن أن يكون الدليل المتأخّر مخصّصاً للعام فيما إذا كان لبيان الحكم الواقعي ... في كلّ موردٍ احتمل كون التأخّر لمصلحةٍ ... لكن هذا بوحده لا يكفي لتعيّن التخصيص.
ولذا قالوا بتعيّن التخصيص من جهة أن نسبة الخاص إلى العام نسبة القرينة إلى ذيها ، فالمتقضي لأنْ يكون الدليل الآتي بعد العام مخصّصاً له موجود ، وقد عرفت انتفاء المانع ـ وهو لزوم تأخير البيان عن وقت الحاجة ـ باحتمال وجود مصلحةٍ للتأخير من تقيّة ونحوها ....
إلاّ أن الأُستاذ تنظّر ـ في الدورة اللاّحقة ـ في قرينيّة الخاصّ للعامّ إن لم يكن متّصلاً ، لأن العرف لا يرى المنفصل قرينةً ، بل يجعله ناسخاً ، ولا أقل من التوقّف ، فهذا الوجه لا يجدي لتعيّن التخصيص.
وكذا ما ذهب إليه الميرزا من أنّ أصالة العموم في العام لا تتمّ إلاّ بتوفّر مقدّمات الحكمة في المتعلّق ، ووجود الدليل بعده مانع من تماميّتها لاحتمال القرينيّة ، فالنسخ متوقف على تمامية أصالة العموم في العام ، وهذا أوّل الكلام ، فيتعين التخصيص.