التركيبيّة ، وقد ذكرنا أنّ المفهوم مدلول الجملة التركيبيّة فقط.
فظهر أن تعريف القدماء يشتمل على نقاط قوةٍ وضعف.
وجاء صاحب (الكفاية) بتعريفٍ مع النظر إلى التعريف المذكور ، فقال ما ملخصه:
إن المفهوم عبارة عن الحكم الإنشائي أو الإخباري المستتبع لخصوصيةٍ هي مدلول جملةٍ ، أعم من أن يكون المفهوم موافقاً لمدلولها أو مخالفاً ، فمثال الحكم الإنشائي قولك : إن جاءك زيد فأكرمه ، والإخباري : إن جئتني اكرمك.
ومثال مفهوم الموافقة قول الله عزّ وجلّ (فَلا تَقُل لَّهُمَا أُفٍ) (١) والمخالفة مثل : إن لم يجئك زيد فلا يجب إكرامه.
(قال) : فالمفهوم عبارة عن الحكم غير المذكور لا الحكم لغير المذكور.
ثم ترك رحمهالله ما لا فائدة له من البحوث في هذا المقام.
ولنوضّح كلامه بشيء من التفصيل :
لا يخفى أنّ الملازمة ثبوتاً بين شيئين تدور مدار الوجود والعدم ، فقد تكون وقد لا تكون ، إلاّ أنها في مقام الإثبات تنقسم إلى أقسام.
فمنها : ما لا يكفي تصوّر الشيئين والنسبة الموجودة بينهما لإثبات الملازمة ، كما يقع كثيراً في المناقشات العلمية بين العلماء ، إذ يطرحون كلاماً ويقولون إن لازم هذا الكلام كذا ، فهذا يفيد وجود تلك الملازمة في الواقع غير أنها خافية في مقام الإثبات ، غفل عنها صاحب الكلام والتفت إليها المستشكل ... وهذه الملازمة تسمّى اصطلاحاً باللزوم غير البيّن.
ومنها : ما ليس بهذا الحدّ من الخفاء ، إلاّ أنّه يُحتاج إلى تصوّر الموضوع
__________________
(١) سورة الإسراء : الآية ٢٣.