قال : وقيس تقول (اشتَرَأَوا الضَّلالَةَ).
قال : وقال بعضُ العربِ : عَصَؤُوا اللهَ مهموزة.
قال أبو الفتح : ينبغي أنْ يكونَ ذلك على إجراءِ غيرِ اللازمِ مَجرَى اللازم ، وقد كتبنا في هذا باباً كاملاً في الخصائص (١) ، وذلك أنَّهُ شبه حركة التقاء الساكنين ـ وليست بلازمة ـ بالضمّة اللازمة في : أفتت وادؤر وأُجوه ، إلاّ أَنَّ همز نحو (اشترأَوا الضَّلالَةَ) من ضعيف ذلك (٢).
فأَنشأتَ بعدَها واوا ، كأنَّك تَسْتَذْكِر (الضلالة) أو نحوها فتمدّ الصوت إلى أنْ تذكر الحرف. ولو استذكرتَ وقد كَسَرْتَ لقلتَ : اشتروِي ، فأنشأتَ بعدَ الكسرةِ ياءً. ولو استذكرتَ وقد فتحتَ الواوَ لقلتَ اشترَوَا ، كما أَنَّك لَو استذكرتَ بعدَ من وأنت تريد الرجل ونحوه لقلت : مِنا ، لأَ نَّك أَشبَعْتَ فتحة (مِنَ) ، وفي منذ : منذو ، وفي هؤلاءِ هؤلائي.
وحكى صاحبُ الكتاب أَنَّ بعضَهم قال في الوقف : قالا ، وهو يريدُ قالَ.
وحكى أيضاً : (هذا سَيْفِنِي) كَأ نَّهُ استذكَرَ بعدَ التنوينِ ، فاضطرَّ إلى حركتِهِ فكسَرهُ ، فأحدث بعدَهُ ياءً. ولو استذكرتَ معَ الهمزِ لقلتَ اشرأوا ، فالواوُ بعدَ الهمزةِ واوُ مطل الضَّمَّةِ وليستْ كواوِ قولك : اجترأَوا ، وأنتَ تريد افتَعَلوا من الجرأة (٣) وَمِن ذلك قراءة الأعمش ويحيى : (وَأَنْ لَوُ
__________________
من قوله تعالى من سورة الكهف : ١٨ / ٢٩ : (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا).
(١) الخصائص : ٣ / ٨٧.
(٢) قال ابن خالويه : والهمزُ لغةٌ عند الكسائي وهو عند البصريين لحنٌ. مختصر في شواذ القرآن : ٢.
(٣) المحتسب : ١ / ٥٤ ـ ٥٥.