قال أَبو الفتح : في هذه الواو ثلاث لغات : الضَّمُّ (١) ، والكسرُ (٢) ، وحكى أبو الحسن فيها الفتحَ (٣) : (اشتروَا) ورويناه أَيضاً عن قُطرُب ، والحركة في جميعها لسكون الواو وما بعدها ، والضَّمُّ أَفشى ، ثم الكسرُ ، ثم الفتحُ.
وَإنَّما كَانَ الضَّمُّ أقوى لأ نَّها واوُ جمع فَأرادوا الفرقَ بينَها وبينَ واوِ (أو) و (لَو) لأنَّ تلك مكسورة ، نحو قول الله سبحانه : (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ) (٤).
ومنهم من يَضُمُّهَا (٥) فيقول (لوُ اطلعتَ) ، كما كسر أبو السَّمـَّال وغيرُهُ واوَ الجمعِ تشبيهاً لها بواو (لو) ، وأمَّا الفتحُ فأقلُّهَا ، والعذرُ فيهِ خفَّةُ الفتحةِ مع ثقل الواوِ ، وأَيضاً فَإنَّ الغرضَ في ذلك إنَّما هوَ التَّبلُّغُ بالحركةِ لاضطرار الساكنين إليها ، فإذا وقعتْ ـ مِنْ أَيّ أجناسها كانَت ـ أَقنَعَتْ في ذلك كما رَوَيْنا عن قطرب من قراءة بعضِهِم : (قُمَ الليلَ) (٦) بالفتحِ ، و (وَقُلَ الْحَقُّ مِن رَبَّكُمْ) (٧) وَبِعَ الثوبَ.
__________________
(١) قراءة الجمهور. البحر المحيط : ١ / ٧١.
(٢) ذكر من قرأ بهذه القراءة قبل قليل.
(٣) قراءة أبي السَّمَّال. انظر : الحاشية (٥) من الصفحة السابقة.
(٤) سورة الكهف : ١٨ / ١٨.
(٥) تلك قراءة المطوعي. إتحاف فضلاء البشر : ١٧٥.
(٦) من قوله تعالى من سورة المزّمّل : ٧٣ / ٢ : (قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً) قال ابن خالويه : (قُمُ اللَّيْلَ) بالضَّمِّ أبو السمّال. وعن آخر (قُمَ اللَّيْلَ) بالفتح مختصر في شواذ القرآن : ١٦٤ وفي البحر المحيط : ٨ / ٣٦٠ : «وقرأ الجمهور (قُمِ اللَّيْلَ) بكسر الميم على أصل التقاء الساكنين وأبو السمّال بضمّها إتباعاً للحركة من القاف ، وقُرِئ بفتحها طلباً للخفَّةِ».
(٧) هذه قراءة أبي السَّمَّال : انظر : مختصر في شواذ القرآن : ٧٩ والبحر المحيط : ٦ / ١٢٠ وفيه قال أبو حاتِم : وذلك ردئ في العربية.