يُعْنَى بِهِ آدم عليه السلام فصارت صفة غالبة كالنابغة والصَّعِق ، وَكَذَلِك الحارث والعبّاس ، والحسن والحسين ، هي وإنْ كانِتْ أعلاماً فَإنَّها تَجري مجرى الصفات وَلِذَلِك قالَ الخليل (١) : إنَّهُم جعلوهُ الشَيءَ بِعَينِهِ أَيْ الذي حَرَثَ وَعَبَسَ ، فمحمولُ هَذَا أَنَّ في هذِه الأسماءِ الأَعلام التي أصْلُها الصفات معاني الأَفعالِ ، وَكَانتِ الأَفعالُ كما تَكونُ مَدْحاً فكذلك ما (٢) تَكَون ذمّاً فهي تُحقِّق في العلم مَعْنَى الصِّفَةِ ، مدحاً كانت الصِّفَةُ أوْ ذَمّاً.
فالمدحُ ما ذكرناه من نحو الحارث والمظفّر والحسين والحسن والذَّمُّ ما جاء من نحو قولهم : فلان بن الصَّعِق ، لأَنَّ ذلك داءٌ ناله فهي بلوى ، وأنْ يكون ذَمَّاً أَولى مِنْ أَنْ يَكُون مَدْحاً ، أَلاَ تَرَى أَنَّ المَدحَ ليسَ في مَقَامِ ذكر الأمراض والبلاوى ، وإنَّمَا يُقالَ فيه إنَّهُ كالأسدِ وإنَّهُ كَالسَّيفِ؟ وَمِنْهُ عمرو بن الحَمِقِ ، فَهذا ذَمٌّ لَهُ لا مدحٌ ، وعَلى أَنَّهُم قَد قَالُوا في الحَمِق ، إنَّهُ الصَّغيرُ اللحيةِ. والمعنى الآخر أَشيع فيه ألا ترى إلى قوله :
فَأَمَّا كَيِّسٌ فَنَجَا وَلَكِنْ |
|
عَسَى يَغْتَرُّ بِي حَمِقٌ لَئِيمُ (٣) |
وَمِنْهُ قُولُهُم : فلان بن الثعلَب فَدَخَلَته اللاّمُ ، وَهْوَ عَلَمٌ لِمَا فيهِ مِنْ معَنى الخِبِّ والخُبْثِ ، وذلك عيبٌ فيه لا ثناءٌ عليه.
والبابُ فيه فاش واسعٌ. فقد صحَّ إِذاً أنَّ ما جَاءَ من الأعلام وفيهِ لامُ
__________________
(١) انظر : الكتاب : ١ / ٢٦٧.
(٢) ما : زائدة.
(٣) هو من شواهد سيبويه التي سمّيت خطأً بالخمسين وهي أكثر والتي لم يعرف قائلها.
انظر : الكتاب : ١ / ٤٧٨ والمحتسب : ١ / ١١٩.