قال أَبو الفتحِ : وَجْهُ ذَلِك أَنَّ (ما) هاهنا اسمٌ بمنزِلة الذي أَي : لا يستحي أنْ يضربَ الذي هو بعوضةٌ مثلاً فحذفَ الموصُول وهو مبتدأ.
ومثله قراءة بعضهم : (تَمَاماً عَلى الَّذِي أَحسنُ) (١).
أَيّ على الذي هُو أَحسنُ. وَحَكى صاحبُ الكتابِ عن الخليلِ : ما أنا بالذي قائلٌ لك شَيئاً (٢). أَي : الذي هوَ قائلٌ لك شيئاً وعليهِ قولُهُ :
لَمْ أَر مِثْلَ الفِتْيَان فِي غبن الـ |
|
أيَّامِ يَنسونَ ما عواقِبُها (٣) |
أَي : ينسونَ الذي هو عواقبها وحذفُ الضمير من هنا ضعيفٌ (٤) لأَ نَّهُ ليسَ فضل كالهاءِ في نحو ضربتُ الذي كلمتَ ، أَي كلمتَهُ ، وإنْ شئتَ كانَ تقديرُهُ : ينسونَ أَي شيء عواقُبها فتكون ما استفهاماً ، وعواقبُها خبراً عَنها ، والجملة في موضع نصب بينسون ، وجازَ فيها التعليقُ لأ نَّها ضدُّ يذكرونَ ويعلمونَ (٥) فيجري مجرى قولك لا تنسَ أَيَّنا أَحقُّ بكذا. وأَتذكرُ أَزيدٌ أَفضلُ أَم عمرٌو (٦)؟ وقرأَ أَبو رجاء : (لِمَا مَتَاعُ) (٧).
قالَ أَبو الفتح : ما هنا بمنزلةِ الذي ، والعائد إليها من صلتها محذوف
__________________
(١) من قوله تعالى من سورة الأَنعام : ٦ / ١٥٤ : (ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْء) وتنظر : ص : ١٣٣.
(٢) ينظر ما تقدّم في : ص : ١٣٤ والكتاب : ١ / ٢٧٠.
(٣) تقدّم الشاهد في : ص : ١٣٤.
(٤) تنظر ص : ١٣٤.
(٥) تنظر : ص : ١٣٤.
(٦) المحتسب : ١ / ٦٤.
(٧) من قوله تعالى من سورة الزخرف : ٤٣ / ٣٥ : (وَإِن كُلُّ ذَلِك لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ عِندَ رَبِّك لِلْمُتَّقِينَ).