ثمّ أَخذَ يقصُّ الحديثَ فقالَ : (نَزَلَ عليك الكتابُ).
وَمَنْ شَدَّدَ الزاي ونصب (الكتابَ) جازَ أَنْ يكونَ على قولهِ خبراً رابعاً ، وجازَ أنْ يكونَ أَيضاً جميع ما قَيلْ نَزَلَ ثناءً وإعظاماً ويفرد قوله : نَزَلَ عليك الكتابُ فيُجعَلُ خبراً عنه كقولك : اللهُ سبحانَهُ ، وجَلَّ ثناؤهُ ، وتقدَّسَتْ أسماؤُهُ ، يأمر بالعدل وينهى عن السوء (١).
وقرأَ محمّد بن كعب القُرَظِيُّ : (وَلَهُمْ مَا يَدَّعونَ سَلْمٌ قَوْلاً) (٢).
قال أبو الفتح : الرفعُ على أوجه : أحدها : أنْ يكونَ مقطوعاً مستأنَفاً ، كأَ نَّهُ لَمَّا قالَ : (وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ) قال : (سلمٌ) أَي ذاك (سلمٌ) أَي : ثابتُ لا نِزَاعَ فيهِ ولا ضيم ولا اعتراض ، بل هو سلمٌ لَهُمْ.
ووجهٌ ثان : أَنْ يكونَ على : ما يَدَّعُونَ سلمٌ لَهُم ، أَي : مُسَلِّمٌ لَهُم فـ (لَهُمْ) على هذا متعلّقٌ بنفس (سَلْم) وليس بمصدر ، بل هو بمعنى اسم الفاعل أو المفعول ، أمَّا على مُسَالِمٌ لَهُم او مُسَلَّمٌ لَهُم.
وَلَمْ يَجُزْ بمعنى المصدر ، لا أَنَّهُ كَأنْ يكون في صلتهِ ، ومحال تقدُّمُ الصِّلةِ أو شيءٌ منها على الموصولِ.
ووجهٌ ثالثٌ : وهو أنْ يكونَ : (لَهُم خبراً) عن (مَا يَدّعُونَ) و (سِلْمٌ) بدل منه.
__________________
(١) المحتسب : ١ / ١٦٠ ـ ١٦١.
(٢) من سورة يس : ٣٦ / ٥٧ ـ ٥٨ : (لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ * سَلاَمٌ قَوْلاً مِن رَّبّ رَّحِيم).
قرأ أُبَيٌّ وعبدُ الله وعيسى والقنوي (سلاماً قولاً). انظر : المحتسب : ٢ / ٢١٥ والبحر المحيط : ٧ / ٣٤٣.