قرأَ الأَعمش : (وهذا بعلي شيخ) (١).
قال أبو الفتح : الرفعُ في (شيخ) من أربَعةِ أوجه : أَحدُها : أَنْ يكونَ شيخ خبرَ مبتدإ محذوف ، كَأَ نَّهُ قَالَ : هذا شيخٌ ، والوقفُ إذا عَلى قولهِ : (هَذا بعلِي) لاِنَّ الجملةَ هناك قَد تمّت ، ثمّ استانف جملة ثانية فقالَ : (هذا شيخٌ).
والثانِي : أَنْ يَكونَ (بَعلِي) بدلاً من (هَذا) ، و (شَيخ) هو الخبر.
والثالثُ : أَنْ يكونَ (شيخ) بدلاً من بعلي وكأ نَّهُ قالَ : هذا شيخٌ كما كان التقدير فيما قَبْلَهُ : بعلي شيخٌ.
والرابعُ : أَنْ يكونَ (بعلي) و (شيخ) جميعاً خبراً عَنْ هذا كقولِك هذا حلوٌ حامضٌ ، أَي : قَد جَمَعَ الحلاوةَ والحموضَةَ وكذلِك هذا أَي : قد جمعَ البعولةَ والشيخوخةَ.
فإنْ قُلتَ : فهلْ تُجِيزُ أَنْ يكونَ (بعلي) وصفاً لِـ (هذا)؟ قيل : لا ، وذلك أَنَّ هذا ونحوَهُ من أسماءِ الإشارة لا يوصف بالمضاف. أَلاَ تَراهم لَمْ يجيزُوا مَرَرْتُ بهذا ذي المالِ. كَما أَجازوا مررتُ بهذَا الغُلامِ؟ وإذا لم يَجُزْ أنْ يَكونَ (بَعلي) وصفاً لـ (هذا) مِنْ حيثُ ذَكَرنَا لَم يَجُزْ أيضاً أنْ يكونَ عطفَ بيان لَهُ ، لأَنَّ صورة عطف البيانِ صورة الصفة ، فافهمْ ذلك.
وهناك وَجه خامسٌ لكنّه على قياس مذهب الِكسائي ، وَذَلِك أَنَّهُ يعتقد في خبر المبتدأ أَبداً أَنْ فيه ضميراً وإِنْ لم يَكُنْ مشتقّاً مِن الفعلِ (٢) نحو زيد
__________________
(١) من قوله تعالى من سورة هود : ١١ / ٧٢ : (قَالَتْ يَا وَيْلَتَى ءَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ).
(٢) نسب ابن الأنباري هذا القول إلى الكوفيين ، وإلى علي بن عيسى الرماني من متأخّري البصريين ونقل ذلك ابن يعيش. انظر : الإنصاف : ١ / ٤٠ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ١ / ٨٨.