وإِنْ شِئْتَ كانَ تقديرُهُ ، أَي : وَعَدَ اللهُ وَعْداً حَقّاً أَنّهُ يبدأُ الخَلقَ ثمّ يعيدُهُ فتكون (أَنَّهُ) منصوبةً بالفعلِ الناصبِ لِقَولِهِ : (وَعْداً) ولا يجوزُ أَنْ يكونَ (أَنَّهُ) منصوبَةَ الموضعِ بنفسِ (وَعْد) لأَ نَّهُ قَدْ وُصِفَ بقولهِ حقّاً والصِّفَةُ إذا جَرَتْ على موصوفِها أَذِنَتْ بتمامِهِ وانقضاءِ أَجزائِهِ فهي من صلتِهِ فكيفَ يُوصَفُ قبلَ تمامِهِ؟ فأمَّا قولُ الحُطَيئةِ :
أزمَعتُ يَأْساً مُبِيناً مِنْ نَوَالِكُمُ |
|
وَلَنْ تَرى طارِداً للحُرِّ كالياسِ (١) |
فَلا يكون قوله من نوالكم صلة يأسِ مِنْ حيثُ ذكرنا أَلا تراه قد وصفه بقوله (مبيناً)؟ وإِذا كان المعنى لَعَمرِي عليهِ وَمُنِعَ الإِعراب منه أُضمِرَ لهُ ما يتناولُ حرفَ الجرِّ ويكون يأْساً دليلاً عليه ، كأَ نَّهُ قالَ فيما بَعْدُ يَئِسْتُ من نوالكم (٢).
وقرأَ أُبَي : (وَلاَ تُكلِّمونِ أَنَّهُ) (٣) بِفَتحِ الأَلفِ. (٤)
قالَ هارون : كيف شئتَ (إِنَّه) و (أَنَّه).
وفي قراءة ابن مسعود (ولا تُكَلِّمونِ كانَ فريقٌ) بغيرِ (أَنَّه) وقال يُونُس عن هارون في حرف أُبي : (ولا تكلمون أَنْ كانَ فريقٌ).
قالَ أَبو الفتح : قراءة ابن مسعود (كان فريقٌ) بغير (أَنَّه) تشهد للكسر ،
__________________
(١) البيت من قصيدة للحطيئة في هجاء الزِّبرِقان بن بدر. يُروَى (مُريحاً) مكان (مُبيناً) و (لم تجدْ) مكان (لن ترى). الديوان : ٥٣ والخصائص : ٣ / ٢٥٨ والهمع : ٢ / ٩٣.
(٢) المحتسب : ١ / ٣٠٧.
(٣) من قوله تعالى من سورة المؤمنون : ٢٣ / ١٠٨ ـ ١٠٩ : (قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلاَتُكَلِّمُونِ * إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا).
(٤) وبها قرأ هارون والعتكي. انظر : البحر المحيط : ٦ / ٤٢٣.