عليهِ (١).
وَقَرَأَ عِيْسَى بن عُمَرَ الكوفي : (يَوْمَ تُقَلِّبُ وُجُوهَهُم) (٢) نصب.
قَالَ أَبو الفتح : الفاعل في (تقلِّبُ) ضميرُ السَّعيرِ المقدّم الذّكر في قولِه تعالى : (إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً) (٣) ثُمَّ قالَ (يَوْمَ تُقَلِّبُ) أَي تُقَلِّبُ السَّعيرُ وُجُوهَهُمْ في النارِ فنسب الفعل إلى النارِ.
وإنْ كانَ المُقَلِّبُ هو الله سبحانه ، بدلالةِ قراءةِ أَبي حَيْوَةَ : (يَوْمَ نُقَلِّبُ وُجُوهَهَمْ) لأَ نَّهُ إِذَا كانَ التَّقْلِيبُ فيها جاز أنْ يُنْسَبَ الفعلُ إليها للملابسةِ التي بينهما ، كما قالَ اللهُ : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) (٤) فَنَسَبَ المكَر إليهما لوقوعه فيهما (٥) ، وَعَلَيْهِ قَوْلُ رُؤبة :
فَنَامَ لَيْلي وَتَجَلَّى هَمِّي (٦)
أَي نِمتُ في ليلي وعليهِ نفى جرير الفعل الواقع فيه عنه فقال :
لَقَدْ لُمْتِنَا يَا أُمَّ غَيْلاَنَ في السُّرَى |
|
وَنِمتُ وَمَا لَيْلُ المطِيّ بِنَائِمِ (٧) |
فَهذَا نَفْي لِمَن قالَ : نَام ليلُ المطيّ وتطرّقوا مِنْ هذا الاتساع إلى ما هو
__________________
(١) المحتسب : ٢ / ٣٢٦.
(٢) من قوله تعالى من سورة الأحزاب : ٣٣ / ٦٦ : (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ).
(٣) سورة الأَحزاب : ٣٣ / ٦٤ ـ ٦٥.
(٤) سورة سبأ : ٣٤ / ٣٣.
(٥) إنَّما المعنى بَلْ مَكْركُم بالليلِ والنهارِ. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٣٦٣.
(٦) انظر : الديوان : ١٤٢ والمقتضب : ٣ / ١٠٥ و ٤ / ١٤٥ والخزانة : ١ / ٤٦٦.
(٧) أم غيلان بنت جرير. والسُّرى : سَيرُ الليل. انظر الديوان : ٥٥٤.
والكتاب : ١ / ٨٠ والمقتضب : ٣ / ١٠٥ والخزانة : ١ / ٤٦٥.