أَخذٌ مِنْ مَكَان قريب وذَكَرَ القُرْبَ لأ نَّهُ أحجَى بتحصِيلِهِم ، وإِحاطَتِهِ بِهِم.
وإِنْ شئتَ رفعتَهُ بالابتداءِ وخبرُهُ محذوفٌ ، أَي : وهناك أخذٌ لهم وإحاطةٌ بهم ودلَّ على هذا الخبرِ ما دلَّ على الفعلِ في القولِ الأَوَّلِ (١).
وقرأَ أَبو عبد الرحمن السُّلَمي (٢) : (وَكَذَلِك زُيّن لِكَثير مِنَ المُشْرِكِينَ قَتْلُ أولادِهم شُركاؤُهم) (٣).
قال أبو الفتح : يَحتَمل رفعُ شركاءِ تَأويلَينِ :
أَحَدُهَما : ـ وهو الوجهُ ـ : أَنْ يكونَ مرفوعاً بفعل مضمر دَلَّ عليهِ قَوْلُهُ : (زُيِّن) كَأَ نَّهُ لَمَّا قالَ : زُيِّنَ لكثير مِنَ المُشركينَ قَتْلُ أولادِهِم : قِيلَ مَنْ زَيَّنَهُ لَهُم؟ فقيل : زَيَّنَهُ لَهُم شركاؤُهم (٤) فارْتَفَعَ الشركاءُ بفعل مضمر دَلَّ عليهِ (زُيِّن) فهو إذاً كقولِك : أُكِلَ اللحمُ زَيدٌ ، وَركِبَ الفَرَسُ جعفرٌ ، وترفع زَيْداً وَجَعْفَراً دَلَّ عليهِ هذا الظاهِرُ. وَإِيَّاك أنْ تَقولَ : إِنَّهُ ارتفع بِهَذا الظاهرِ لأَ نَّهُ هُوَ في المعنى ، لأَمْرِينِ :
أَحدُهما : أَنَّ الفِعْلَ لا يَرْفَعُ إِلاَّ الواحدَ فاعلاً أَوْ مفعولاً أُقيمَ مقامَ الفاعِل ،
__________________
(١) المحتسب : ٢ / ١٩٦.
(٢) ومِمَّن قرأَ بها الحسن وأبو عبد الملك قاضي الجند صاحب ابن عامر. البحر المحيط : ٤ / ٢٢٩.
(٣) من قوله تعالى في سورة الأَنعام : ٦ / ١٣٧ : (وَكَذَلِك زَيَّنَ لِكَثِير مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكآ ؤُهُمْ).
(٤) على هذا التوجيه : الشركاء مزيّنون لا قاتلون وهو توجيهُ سيبويه وبه أَخَذَ المُبَرِّدُ والعُكبري. انظر : الكتاب : ١ / ١٤٦ والمقتضب : ٣ / ٢٨١ وإملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٢٦٢ والبحر المحيط : ٤ / ٢٢٩.