وَقَدْ رَفَعَ هذَا الفعلُ ما أقِيمَ مقام فاعلهِ وهو (قَتْلُ أَولادِهِمْ) فلا سَبيلَ لَهُ إلى رَفِعِ اسم آخر على أَنَّهُ هو الفاعلُ في المعنَى لأَ نَّك إذا تَصَرَّفْتَ بالفعلِ نحو إسنادِك إيَّاهُ إلى المفعول لم يجزْ أنْ تَتَرَاجَعَ عنه فتسنده إلى الفاعل ، إذ كان لكلّ واحد منهما فعل يخصُّهُ دونَ صاحبِهِ ، كقولك : ضَرَبَ وضُرِبَ ، وَقَتَلَ وَقُتِلَ ، وَهَذا وَاضِحٌ.
والآخر : أَنَّ الفاعِلَ عِندَنَا ليسَ المرادُ به أَنْ يكونَ فاعلاً في المعنى دونَ ترتيب اللفظِ ، وأَنْ يكون اسماً ذكرته وأسندته وَنَسَبْتَهُ إلى الفاعلِ ، كَقَامَ زَيدٌ وَقَعَدَ عمروٌ ، وَلَوْ كانَ الفاعِلُ الصناعي هو الفاعلُ المعنوي لَلَزمك عليهِ أَنْ تَقُولَ : مررتُ برجلٌ يقرأُ ، فترفعهُ لأ نَّهُ قَدْ كانَ يفعلُ شيئاً وهو القراءة ، وأنْ تَقُولَ رأَيتُ رجلٌ يُحَدّثُ فترفعهُ بِحَدِيثهِ ، وأَنْ تَقَولَ في رفعِ زيد من قولك : زيدٌ قامَ إِنَّهُ مرفوعٌ بفعلهِ لأَ نَّهُ الفاعِلُ في المعنى ، لكنَّ طريقَ الرفعُ في (شُركاؤُهم) هو ما أَريتُك مِنْ إِضمارِ الفِعْل لَهُ لترفعه به.
وَنَحوه ما أَنْشَدَهُ صَاحبُ الكتابِ (١) مِنْ قولِ الشاعرِ :
لِيُبْك يَزيدُ ضَارِعٌ لِخصومة |
|
وَمُخْتَبِطُ مما تُطِيحُ الطوائِحُ (٢) |
كَأَ نَّهُ لَمَّا قالَ : لِيُبْك يَزيدٌ ، قِيلَ : مَنْ يبكيهِ؟ فَقَالَ : لِيَبْكِهِ ضارعٌ لخصومَة
__________________
(١) الكتاب : ١ / ١٤٥ و ١٨٣.
(٢) البيت لنهشل بن حري ، ويروى للحارث بن نهيك كما يُنسب إلى لبيد وإلى مِزْرَد وإلى الحارث بن ضرار النهشلي ويروى (ومستمنح) مكان (مختبط) ، وبالبناء للفاعل (لِيَبْك يزيد ضارع ....) والبيت موضع نقاش بين النحاة.
انظر : الكتاب : ١ / ١٤٥ و ١٨٣ والمقتضب : ٣ / ٢٨٢ والخصائص : ٢ / ٣ والمحتسب : ١ / ٢٣٠ وشرح الكافية : ١ / ٧٦ والهمع : ١ / ١٦٠ وشرح المفصل ١ / ٨٠ والأَشموني : ٢ / ٤٩ وشرح التصريح : ١ / ٢٧٤.