أَو نحو ذلك الأرضَ ، ثمّ أَسَنَدَ الفِعْلَ إِلى المفعولِ الثاني ، فبُنِيَ له فقيلَ : فَحُمِّلَتِ الأرضُ ، وَلَو جِئْتَ بالمفعول الأوّل لأسندْتَ الفِعلَ إليهِ فقلتَ : وَحُمِّلَتْ قُدْرَتُنَا الأرضَ وَهَذَا كقولك : ألْبَسْتُ زيداً الجُبَّةَ ، فإن أَقَـمْتَ الْمَفْعُولَ الأولَ مقام الفاعل قُلْتَ : أُ لْبِسَ زَيْدٌ الجُبَّةَ ، وإنْ حَذَفْتَ المفعولَ الأولَ أَقمتَ الثاني مقامَه ، فقلت : أُ لْبِسَتِ الجُبَّةُ (١).
نَعَم وَقَدْ كان أَيضاً يجوز مع استيفاءِ المفعول الأول أن يبني الفعل للمفعول الثاني فتقول : أُ لْبِسَتِ الجبَّةُ زيداً ، على طريق القلبِ ، للاتساع ، وارتفاع الشك. فإذا جازَ على هذا أنْ تقول : حُمِّلَتِ الأَرضُ المَلَك فَتُقيم الأرضَ مقامَ الفاعلِ معَ ذكرِ المفعولِ الأولِ ، فمَا ظَنُّك بجوازِ ذَلِك وَحُسْنِهِ بِل بوجوبِه إذا حُذِفَ المفعولُ الأَولُ؟ وَكَذَلِك أَطْعَمتُ زَيداً الخبزَ ، وَأُطْعِمَ زيدٌ الخبزَ ، وَتَتَّسِعُ فتقول : أُطْعِمَ الخبزُ زيداً ، ثُمَّ تَحذِف زيداً ، فَلا تَجِد بدّاً مِنْ إقامةِ الخبز مقام الفاعل فتقول : أُطْعِمَ الخبزُ ، ومثله أُركِبَ الفرسُ ، وَأُبِثَّ الحَديثُ ، وَكُسِيتِ الجُبَّةُ ، وَأُطْعِمَ الطعامُ ، وَسُقِيَ الشَّرَابُ ، وَلُقِيَ الخيرُ ، وَوُقِيَ الشَّرُّ.
ورحم اللهُ ابن مجاهد! فَلَقَدْ كانَ كَبيراً في موضِعِهِ ، مُسَلّماً فيما لم يَمْهَر بهِ (٢).
__________________
(١) إنّمَا جازتْ نيابةُ الثاني هنا لأَن مفعولي (أَلبَسَ) معرفتان وقد أُمِنَ اللبْسُ.
انظر : شرح التصريح : ١ / ٢٩٢ وشرح الأشموني : ٢ / ٦٨.
(٢) المحتسب : ٢ / ٣٢٨ ـ ٣٢٩.