نُمَكِّـنُهَا منه ، فَتَأتِي عَلَيهِ كَأَ نَّها تطلب باستيفائِها إِيَّاهُ الاكتفاء بذلك. ثُمَّ حُذِفَ حرفُ الجرِّ.
فصارَ نُجزِئُهُ جهنَّمَ ، أَيّ : نُطعمُهُ جَهَنَّمَ ، كَمَا حُذِفَ الحرفُ في قولِهِ : (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً) (١).
أَيّ : مِن قَومِهِ. ثمّ أَبدلت الهمزة من نجزئه ياء على حد أَخطَيت فصارت ياء ساكنة ، وأُقرتِ الهاءُ على ضمّتها وهو الأصل كما قرأ أَهلَ الحجاز : (فَخَسَفنَا بهُو وَبِدَارِهُو (٢) الأرضَ) (٣).
وقرأت عائشة وابن عباس وابن يَعْمَر وعثمان الثقفي : (إذ تَلِقُونَهُ) (٤).
قال أبو الفتح : أمَّا (تَلِقُونَهُ) فتسرعون فيه ، وَتَخفُّونَ إِليهِ.
قالَ الراجزُ :
جاءَت بِهِ عَنْسٌ مِنَ الشَّامِ تَلِقْ (٥)
أيّ : تَخِف وتُسْرِعُ. وَأَصلُهُ تَلِقُونَ فيهِ أَو إليهِ ، فَحَذَفَ حَرفَ الجرِّ وأَوْصَلَ الفِعْلَ إلى المَفْعُول (٦) كقولهِ تَعَالَى : (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ
__________________
(١) سورة الأَعراف : ٧ / ١٥٥.
(٢) من قوله تعالى من سورة القصص : ٢٨ / ٨١ : (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الاَْرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَة يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ).
(٣) المحتسب : ٢ / ٦١ ـ ٦٢.
(٤) من قوله تعالى من سورة النُّور : ٢٤ / ١٥ : (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللهِ عَظِيمٌ).
(٥) يروى هذا الرجزُ للقلاخ بن حزَن المنقري يهجو جَلَيداً الكلابي ويُروى للشَّمَّاخِ. ويُروى (عيسٌ) مكان (عَنْسٌ). انظر : الخصائص : ١ / ٩ و ٣ / ٢٩١ والمخصّص : ٣ / ٥٤ و ٧ / ١٠٩ وشرح المفصل : ٩ / ١٤٥ ولسان العرب : ١١ / ٢٩٠ و ١٢ / ١١ و ٢٦٤.
(٦) ادَّعَى أبو حَيَّانَ هذا القولَ لنفسِهِ فقالَ : «وعندي أنَّهُ أرادَ يلقون فيه فحذفَ الحرفَ