وَقَرَأَ : (مِن كُلِّ جَانِب دَحُوراً) (١) السُّلِمَي ، قَالَ أَبو الفتح : في فتح هذه الدَّال وَجهَانِ :
١ ـ إنْ شِئتَ كَانَ على مَا جاءَ مِنَ المصادِرِ عَلى فَعُول ـ بِفَتحِ الفاءِ ـ عَلى مَا فيه من خلافِ أَبي بكر فيهِ وَقَد بَينَاهُ فيما مَضَى من هذا الكتاب (٢) وغيره.
٢ ـ وَإنْ شِئتَ أَرادَ وَيَقذَفُونَ مِن كُلّ جَانِب بِدَاحر أَو بِمَا يَدحَرُ. وَهَذَا كَأَ نَّهُ الثاني من الوَجهَينِ ، لِمَا فيهِ مِن حَذْفِ حرفِ الجرّ وإِرادَتِهِ (٣).
وَأَكثر ما يأتِي في الشّعرِ ، كَمَا قَالَ :
نُغَالي اللَّحمَ لِلأَضيافِ نِيئاً |
|
وَنُرخِصُهُ إذَا نَضِجَ القَدِيرُ (٤) |
أي : باللَّحمِ ، وَمِثلُهُ : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ) (٥) أَي : أَعلَم به فيمن قَدَّرَ ذَلك (٦).
__________________
(١) من قوله تعالى من سورة الصافّات : ٣٧ / ٨ ـ ٩ : (وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِب * دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ).
(٢) ذكر ذلك في المحتسب : ١ / ٦٣.
(٣) قال الفرّاء : «مَن فَتَحَها جعلها اسماً ، كما أَنّهُ قال : يقذفون بداحر وبِمَا يَدْحَرُ. وَلَستُ أشتهيها ، لأَ نَّها لو وُجّهَتْ على ذلك على صحّة لكانتْ فيها الباءُ ، كما تقول : يقذفون بالحجارة ولا تقولُ يقذفون الحجارةَ وهو جائزٌ. وقال العكبري : ويجوز أن يكون جمع داحر مثل قاعد وَقُعُود.
اُنظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٣٨٣ وإملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ٢٠٥.
(٤) يروى (القدور) مكان (القدير). يريد نشتري اللحم غالياً ونبذله للضِّيفانِ إذا ينضجُ سماحةً. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٣٨٣ والمحتسب : ٢ / ٢١٩ واللسان : ١٩ / ٣٦٨.
(٥) سورة الأنعام : ٦ / ١١٧ ، وانظر ما ذكر عن هذه الآية في ص : ١٨٨ و ٢٦٧ و ٢٦٨.
(٦) المحتسب : ٢ / ٢١٩.