لأَيمان لا متعلقاً بنفس الأيمان لأَنَّ فيه ضميراً كما يكونُ فيه ضميرٌ منه إذا كانَ خبراً عنه.
ويجوزُ أَنْ يكونَ حالاً من نفس (أَيمان) وإنْ كانت نكرةً ، كما أَجاز أَبو عمرو في قوله سبحانَه : (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ) (١) أَنْ يَكُونَ (حَقَّاً) حالاً (٢) مِنْ مَتاع (٣).
وَقَرَأَ الحسَن : (أشِدَّاءَ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءَ بَينَهُمْ) (٤).
قال أَبو الفتح : نصبَهُ على الحال ، أَيْ : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ) فـ (مَعَهُ) خَبَرٌ عَن الَّذين آمنوا (٥) ، كَقولِك : محمّدٌ رسولُ اللهِ عليٌّ مَعَهُ ، ثمَ نَصَبَ
(أَشدَّاءَ) و (رَحمَاءَ) عَلَى الحالِ ، أيْ : هُمْ مَعَهُ عَلَى هذِه الحالِ ، كقولِك : زَيْدٌ مَعَ هند جالساً فَتَجعَلَهُ حالاً من الضميرِ في مَعَهُ لأَمرَين :
أَحدُهما : قربُهُ مِنْهُ وَبعدُه عن زَيد.
والآخر : لِيكُونَ العامل في الحال ـ أعني الضميرَ ـ هو العامل في صاحبِ الحالِ أَعنِي الظَّرفَ.
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٤١.
(٢) وعند سائر النحاة (حقّاً) نصب على المصدر. انظر : معاني القرآن للأخفش : ٧٧ / أوإملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٩٩ والبيان : ١ / ١٦٢ والبحر المحيط : ٢ / ٢٣٤ و ٢٤٦.
(٣) المحتسب : ٢ / ٣٢٥ ـ ٣٢٦.
(٤) من قوله تعالى من سورة الفتح : ٤٨ / ٢٩ : (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءَ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءَ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ) ، ولم يختص الحسن بهذه القراءة ، بل هي قراءة الجمهور.
(٥) أراد أَبو الفَتح تخصيص الأشداء على الكفّار ، والرحماء بينهم الذين هم مع النبي (صلى الله عليه وآله) بالمؤمنين ، وهذا هو الرأي الحقّ ، إذ ليس كلّ من كان مع النبي يستحقّ تلك الأوصاف.