مِنْهُمَا جَميِعاً عَلَى قولهِ :
فَلَئِنْ لَقِيتُك خَالِيينِ لَتَعْلَما |
|
أَيِّ وَأيُّك فارِسَا الأَحزابِ؟ (١) |
وَيَجُوزُ أيِّ وأَ يُّك فارسُ الأَحزابِ ، أيْ. أَيُّنَا فارسُ الأَحزابِ ، فكذلِك يَكُونُ قَوْلُهُ يَطلُبُهُ حَثِيثاً حالاً مِنهُما جَميعاً عَلَى مَا مَضى لأَنَّ لَهُمَا جَميعاً فيهِ ضميراً. وَلَوْ كَانَتْ الآية (فأتتْ بهِ قَوْمَهَا تَحمِلهُ إليهِم) ، لَجَاز أَنْ يَكُونَ ذَلِك حالاً مِنْهَا ، وَمِنْهُ وَمِنْهُمْ جَميعاً ، لِحصولِ ضميرِ كُلِّ واحد مِنهُم في الجملةِ التي هي حال فاعرفْ ذلك.
وَلَعَمرِي إنَّك إذا قلتَ : غشيتُ زَيداً عمراً فَإنَّ العُرْفَ أَنْ يَكُونَ زيدٌ هُوَ الغاشي وعمروٌ هو المَغْشِي ، إلاَّ أنَّهُ قَد يجوزُ فيه قَلْبُ ذَلك ، لَكِنْ معَ قِيامِ الدلالةِ عليهِ ، أَلاَ تَرَى إلى قولهِ :
فَدَعْ ذَا وَلَكِنْ مَن يَنَالُك خَيْرُهُ |
|
وَمَنْ كَانَ يُعْطِي حَقَّهُنَّ القَصَائِدا |
أرادَ يُعطِي القصائِدَ حَقَّهُنَّ ، ثُمَّ قَدَّمَ المفعولَ الثانِي فَجَعَلَهُ قَبْلَ الأوّلِ ، مِنْ حيثُ كَانَتْ القصائدُ هُنَا هِيَ الآخِذَةُ فِي المَعْنَى وَنَحْوَهُ : كَسَوْتُ ثوباً زيداً ساغَ تَقْدِيمُهُ لارْتِفَاعِ الشك فِيهِ ، وَلَيْسَ كَذلِك يُغشي الليلَ النهارَ ، مِنْ حيثُ كَانَا متساويي الحالَينِ في الغشيانِ وعلى كُلِّ حال فَكُلُّ وَاحِد مِنهمَا غاشِ لصاحِبِهِ (٢).
__________________
(١) ويُروَى (فارس) مكان (فارسَا).
انظر : همع الهوامع : ٢ / ٥١ وشرح شواهد العيني : ٢ / ٢٦١ وشرح التصريح : ٢ / ١٣٨ والدرر اللوامع : ٢ / ٦٣.
(٢) المحتسب : ١ / ٢٥٣ ـ ٢٥٥.