وَمسْتَنَّة كَاستِنَانِ الخَرُو |
|
فُ قَدْ قَطَعَ الحَبْلَ بِالْمِرْوَدِ (١) |
أيْ : قَطَعَهُ وَفيِهِ مِرْوَدُهُ وَكَذَلِك الِقَراءَةُ العامةُ : (وَجَاءَتْ سَكَرةُ المَوْتِ بالحَقِّ) إنْ شِئْتَ عَلَّقْتَ البَاءَ بِنَفْسِ (جَاءَتْ) عَلَى مَا مَضى.
وَإنْ شِئتَ عَلَّقتَها بِمَحْذُف وَجَعَلْتَهَا حالاً ، فَكَأَ نَّهُ قَالَ : وَجَاءَتْ سَكْرةُ المَوْتِ وَمَعَها الحَقُّ.
فَإنْ قُلْتَ : فَكَيفَ يجوُز أنْ تَقُولَ : جَاءتْ سَكْرَةُ الحقِّ بالموتِ وأَنتَ تُريدُ بِهِ وجاءَتْ سَكْرَةُ الموتِ بالحقِّ ، فَيَا لَيْتَ شِعرِي أَيَّتُهُما الجائيةُ بِصَاحِبَتِهَا؟ قِيلَ : لاِشتراكهما في الحالِ ، وَقُربِ إحدَاهُمَا من صَاحِبَتهَا صَارَ كَأَنَّ كُلَّ واحدة مِنُهمَا جائيةٌ بالأُخرى ، لأَ نَّهُما ازدحمتا في الحالِ ، واشتبكتا حَتَّى صارَتْ كُلَّ واحدة مِنهُمَا جائيةً بِصَاحِبَتِها ، كَمَا يَقُولُ الرجلانِ المتوافيانِ فِي الوقت الواحدِ إلى المَكَانِ ـ كُلُّ واحد مِنهُمَا لصاحِبِهِ ـ لا أَدري (٢) أَأَنا سَبَقْتُك ، أَم أَنْتَ سبقتني (٣).
وَقَرَأَ ابنُ الزَّبير وابنُ عباس والفضل بن عباس وعبد الله بن يزيد وقتادة : (وَأَنْزَلْنَا بِالْمُعْصِرَاتِ) (٤).
قَالَ أَبو الفتح : إذَا أَنْزَلَ مِنْهَا فَقَدْ أَنْزَلَ بِهَا ، كَقَوْلِهِمْ : أَعْطَيْتُهُ مِنْ يدي دِرْهَمَا ، وَبيَدي دِرْهَماً (٥). المعنى واحدٌ وليستْ (مِنْ) ها هنا مثلها في قولهم
__________________
(١) تقدّم الشاهد في : ص : ٢٩٥.
(٢) الّذي في المحتسب : ٢ / ٢٨٤ (لا أرى) وما أثبتناه يقتضيه سياق الجملة.
(٣) المحتسب : ٢ / ٢٨٤.
(٤) من قوله تعالى من سورة النبأ : ٧٨ / ١٤ : (وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً).
(٥) نسب أَبو حيَّان في البحر المحيط : ٨ / ٤١٣ هذا التَّخريج للزَّمخشري وفاتَه أَن أَبا الفتحِ سَبَقَ إليهِ.