زَمَانَ عَليَّ غُرابٌ غُدافٌ |
|
فَطَيـَّرَهُ الشيبُ عَنِّي فَطَارَا (١) |
فَعَطَفَ (طَيَّرَه) على (عليّ) وهو ظرفٌ (٢).
وَمِنْهُ قَولُهُ تَعَالى : (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَة فَمِنَ اللهِ) (٣) فوجود معنى الشرط في الظرفِ أقوى دَلِيل عَلَى قوّةِ شَبَهِهِ بالفِعْلِ ، لأَنَّ الشَّرطَ لاَ يَصحّ إِلاَّ بِهِ ، وَسَوَّغَ ذَلِك أَيْضاً أَنَّ قَوْلَهُ : (نُسْقِيكُمْ مِمّا فِي بُطُونِهَا) (٤) فِي مَعنَى قَولِهِ : لَكُمْ فِي بُطونِها سُقْيَا ، وَلَكُمْ فِيَها مَنَافِعُ (٥).
إِنَّ أبا الحسَن : يَرفَعُ زيداً مِنْ قولِك : في الدارِ زَيْدٌ بالظرفِ (٦) ، أَيْ : يَرْفَعهُ بالفعل (٧) ، وَمِن غَريب شبه الظرف بالفعل أَنهم يجيزونَ في قَولِهِمْ : فِيْك يُرغَبُ ، أَنْ يكُونَ فِيك مرفوعاً في الابتداءِ ، وَفي (يُرْغَبُ) ضميرُهُ كَقَولِك : زَيْدٌ يُضْرَبُ مِنْ مَوْضِعَينِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ الفِعْلَ لا يَرْتَفعُ بالابتداءِ فَكَذَلِك الظرف.
والآخر : أنَّ الظَّرفَ لاَ ضَمِيرَ لَهُ ، كَمَا أَنَّ الفِعْلَ لاَ ضَمِيرَ لَهُ.
__________________
(١) لأَبي حيَةَ النميري. والغدَافُ : الأَسود. أوْ بالأحرى الشعرُ الأسود.
انظر : الخصائص : ١ / ١٠٧ و ٣ / ٣٢٠ والمحتسب : ٢ / ٩٠ واللسان : ٢ / ١٣٨.
(٢) أبو الفتح : يُسَمّي الجار والمجرور ظرفاً.
تنظر : ص : ٢٨٨.
(٣) سورة النحل : ١٦ / ٥٣.
(٤) من قوله تعالى من سورة : المؤمنون ٢٣ / ٢١ : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الاَْنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ).
(٥) المحتسب : ٢ / ٩٠.
(٦) تنظر : ص : ٢٨٨.
(٧) انظر : تفصيل ذلك في كتاب الإعراب عن قواعد الإعراب : ٩٠.