تَداخَلَتْ فِيَما بعدُ ، فجازَ وصْفُهَا وَلَيْسَ كَذَلِك النَّكِرَةُ ، لأ نَّهَا فِي أَوَّلِ وَصْفِهَا مُحْتَاجِةٌ ـ لإبهَامِهَا ـ إلى وَصْفِهَا.
فَإِنْ قلْتَ إِنَّ القوّةَ مؤنَّثَةٌ والَمتينُ مُذَكَّرٌ فَكَيفَ جازَ أَنْ يُجرِيها عَلَيْهَا عَلَى الخِلافِ بَيْنَهُمَا؟ ألاَ تَرىَ أنَّ مَنْ قَالَ : هذا جُحر ضَبّ خَرِب لاَ يقولُ هذانِ جُحرا ضَبّ خَرِبينِ لُِمخَالَفَةِ الاثنينِ الواحدَ (١)؟ قِيلَ : قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ القوّةَ هُنا إنَّما المَفهُومُ مِنْهَا الحَبْلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَكَأَ نَّهُ قَالَ : إنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاق ذُو الحَبْلِ المَتينِ ، وَهَذَا وَاضِحٌ.
وأَيضاً فَإنَّ المتين فَعِيل ، وَقَد كَثُرَ مجيء فَعيل مذكراً وَصْفاً للمؤنّث (٢) ، كَقَوْلِهم حلّة خَصِيف (٣) ، ومِلْحَفَةٌ جَديد (٤) ، وناقُة حَسير وسديس ، وريح خريق (٥).
__________________
(١) قال الخليل : لا يقولون : إِلاّ هذان جحرا ضبّ خربان ، من قِبَلِ أَنَّ الضَّبَّ واحدٌ والجحرُ جُحران. وقَال سيبويه : لا نرى هذا الأوَّلَ إلاّ سواء ، لأَ نَّهُ إذا قالَ : هذا جحرُ ضَبّ منهدم ففيه من البيان أنَّهُ لَيسَ بالضبِّ مثل ما في التثنية من البيان إِنَّه ليس بالضَّبِّ. انظر : الكتاب : ١ / ٢١٧.
(٢) إذا كان فعيل بمعنى فاعل مثل كريم لحقته التاء في التأنيث فتقول : امرأة كريمة وقد حذفت منه قليلاً. وإنْ كانَ بِمعنى مفعول ولم يتبع موصوفه لحقته التاء نحو هذه ذبيحة ونطيحة. وإنْ تبع موصوفه حُذِفَتْ منه التَّاءُ غَالباً نحو مَرَرْتُ بامرأة جريح. انظر : قال ابن مالك :
وَمِنْ فَعِيل كَقَتِيل إِنْ تَبِعْ |
|
مَوْصُوفَهُ غَالِباً التَّا تَمْتَنِعْ |
شرح ابن عقيل : ٢ / ٤٣٢.
(٣) وَيُقَالُ أَيْضاً كتيبةٌ خصيفةٌ لِمَا فيها مِنْ صدإ الحَديد وبياضِهِ. انظر : اللسان : ١٠ / ٤٢٠.
(٤) انظر : مختار الصحاح : ٩٥.
(٥) المحتسب : ٢ / ٢٨٩.