على كثرةِ مَا جاءَ عَنْهُمْ في نَحْوِ (قُمَ اللَّيْلَ) (١) (وقُلَ الحقَّ) (٢) ، وقولِ الشاعرِ :
زِيَادَتُنَا نُعْمَانُ لاَ تَحْرِمَنَّنَا |
|
تَقِ اللهَ فِينَا والكتابَ الَّذِي تَتْلُو (٣) |
وَسَبَبُ تَرك اعتدَادِهِم بِهَا كَون الساكنينِ من كلمتينِ ، كَذَلِك أَيْضَا قَوْلُهُمْ : لاَ ضَمّ فِي الفِعلِ وَقَدْ قُرِئَ (قَمُ الليلَ) (٤) وَهَذا واضح. فإذا ثَبَتَ بَذَلِك الفرقُ بَينَ حَرَكَتَي التقاءِ الساكنينِ وَهُمَا مُتَّصِلانِ ، وَبَيْنَهُمَا وَهُمَا مُنفَصِلانِ سكنتَ إلى همز الواو من قولهِ : (وَلَتَرَؤُنَّ الجَحِيم) ، و (لَتَرَؤُنَّهَا) فَاعْرِفْ ذَلِك فَإنَّ جَمَيعَ أَصْحَابِنَا تَلقَّوا همزةَ هَذِهِ الواوِ بالفَسَادِ وَجَمَعُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ هَمْزِ الواوِ مِنْ قَوْلِهِ : (اشْتَرَؤُا الضَّلالَة) (٥) فِيمَنْ هَمَزَ الواوَ (٦) وَهَذِهِ لَعَمْرِي قَبِيحةٌ ، لأَنَّ الساكنينِ مِنْ كَلِمَتَينِ ، فَلِذَلِك فُرِّقَ مَا بَيْنَ
__________________
(١) من قوله تعالى من سورة المزمّل : ٧٣ / ٢ : (قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً) وحكى الفتح قطرب. تنظر : ص : ٣٢١ و ٣٢٦.
(٢) من قوله تعالى من سورة الكهف : ١٨ / ٢٩ : (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) والفتح قراءة أبي السَّمَّال. تنظر : ص : ٣٢١ و ٣٢٦.
(٣) لعبد الله بن همَّام السلولي. ويروى (تنسينها) مكان (تحرمننا) و (خفِ) مكان (تقِ). انظر : نوادر أبي زيد : ٤ و ٢٧ والخصائص : ٢ / ٢٨٦ و ٣ / ٨٩ والمحتسب : ٢ / ٣٧٢ واللسان : (وقى) ٢٠ / ٢٨٢.
(٤) من قوله تعالى من سورة المزّمّل : ٧٣ / ٢ : (قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً) وينظر : البحر المحيط : ٨ / ٣٦٠. وتنظر : ص : ٣٢٥ و ٣٢٦.
(٥) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ١٦ : (أُوْلَئِك الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ).
(٦) قال الزَّجَّاجُ : أمَّا مَنْ يبدل من الضَّمَةِ همزةً فيقولُ : (اشترؤا الضلالةَ فغلطٌ). وقال ابن خالويه : (هي عند البصريين لحنٌ) وقالَ ابنُ الأنباري : (أجازَ الكسائي همزَها لانضمامها وهو ضعيفٌ). معاني القرآن وإعرابه للزجّاج : ١ / ٥٧ ومختصر في شواذّ القرآن : ٢ والبيان في غريب إعراب القرآن : ١ / ٥٩.