حَكَى قُطربُ عَنْهُم (قُمَ الليلَ) ، (وَقُلَ الحقَّ) (١) وبعَ الثوبَ فَمَنْ كَسَرَهُ فَعَلَى أصل البابِ وَمَنْ ضَمَّ أوْ كَسَر أَيضاً اتَّبَعَ ، ومن فَتَحَ فجنوحاً إلى خفّةِ الفتح (٢).
رُوِيَ عن الحسن وأبي عمرو ـ واختُلِفَ عنهما ـ أَنَّهُما هَمَزَا : (لَتَرَؤُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا) (٣).
قالَ أَبو الفتح : هَذَا عَلَى إجراءِ غَيرِ اللاّزم مجرى اللاّزِم ، وله باب في كتابنا الخصائص (٤).
غَيَر أَنَّهُ هُنَا ضَعيفٌ مَرْذُولٌ ، وَذَلِك أَنَّ الحركَة فيهِ لالتقاءِ الساكنينِ ، وَقَدْ كَرَّرْنَا فِي كَلامِنَا أَنَّ أَعراض التقاء الساكنين غير محفول بِهَا ، هَذَا إذا كَانَا في كلمتين إلاّ أَنَّ الساكنينِ هُنا مِمّا هو جار مجرى الكلمة الواحدة. ألا تَرى أنَّ النون تُبنَى معَ الفعل كَخَمْسَةَ عَشَرَ وَذَلِك فِي قَوْلِك : لأَفْعَلنَّ كَذا؟ فَمِنْ ها هنا ضَارَعَتْ حركةَ نونِ أَينَ وَفَاء كَيْفَ ، وسين أَمسِ ، وهمزة هؤلاءِ ، وذال منذُ. وَكلُّ واحدة مِنْ هذه الحركات معتدَّةٌ وإنْ كانَتْ لالتقاءِ الساكنين.
ألا تَرَى أَنَّهم احتَسَبُوها وَأَثبتوها وَجَعَلُوا مَا هي فيهِ مَبْنيّاً عَلَيْهَا؟ وَهَذِهِ الحركاتُ ـ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ كَونِهَا في كلمة وَاحِدَة ـ أَقوى مِنْ حركاتِ التقائِهما في المنفصلين. ألا تَرَى إلى اجتماعهم على أَنَّهُ لمْ يبنَ فعلٌ على الكسرِ ، هذا
__________________
(١) سورة الكَهف : ١٨ / ٢٩ وتنظر : ص : ٣٢١.
(٢) المحتسب : ٢ / ٣٣٥ ـ ٣٣٦.
(٣) من قوله تعالى من سورة التكاثر : ١٠٢ / ٦ ـ ٧ : (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيـَقِينِ).
(٤) الخصائص : ٣ / ٨٧.