قالَ أَبو الفتح : هُوَ كقولِهِ وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الاغتِرَارُ ، وتقديرهُ على حذف المضاف ، أيْ : وغرَّكم بالله سلامة الاغترار ، ومعناه سلامتُكُم مِنْهُ معَ اغترارِكُمْ (١) وَقَرَأَ الحَسن : (اتَّخَذُوا إيمَانَهُمْ) (٢) بكسر الهمزة.
قالَ أَبو الفتح : هَذَا علَى حَذْفِ المضافِ ، أَيْ : (اتَّخَذُوا) إظهارَ (إيمَانهِم جُنَّةً فَصَدّوا عَن سَبيلِ اللهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مهِينْ) (٣) ، وهذا حديث المنافقين المعروف (٤).
وَقَرَأَ الأعمش : (أَفَحَكَمَ الجَاهِلِيةِ) (٥) بِفَتْحِ الحاءِ والكافِ والميمِ.
قال أبو الفتح : أَما قَوْلُهُ : (أَفَحَكَمُ الجاهِلِيَّةِ يَبْغونَ) فِيْمَنْ قَرَأَه كَذَلِك ، فَأمرُهُ ظاهر في إعرابه ، غير أن (حَكَما) هُنا ليْسَ مقصوداً بهِ قصد حاكم بعينهِ ، وإنّما هو بمعنى الشياعِ والجنس ، أيْ : أَفَحُكامَ الجَاهِليِةِ يَبْغُونَ (٦)؟ وَجَازَ للمضافِ أَنْ يَقَعَ جنساً كما جاءَ عنهم في الحديث من قولهم : مَنَعَتِ العراقُ قَفيزَهَا وَدِرْهَمَهَا وَمَنَعَتِ مِصْرُ إردبها (٧) وله نظائر.
__________________
(١) المحتسب : ٢ / ٣١١ ـ ٣١٢.
(٢ و ٣) من قوله تعالى من سورة المجادلة : ٥٨ / ١٦ : (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ).
(٤) المحتسب : ٢ / ٣١٥ و ٣٢٢.
(٥) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ٥٠ : (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِّقَوْم يُوقِنُونَ).
(٦) قال أبو حَيَّان : وهو جنس لا يراد به واحد كأ نَّهُ قبل أحكام الجاهلية وهي إشارة إلى الكُهَّانِ الذين كانوا يأخذون الحلوان وهي رِشَا الكُهَّانِ ويحكمون لهم بحسبه وبحسب الشهوات. انظر : البحر المحيط : ٣ / ٥٠٥.
(٧) انظر : ص : ٨٥.