أَنْتَ الفِدَاءُ لِقِبلَة هَدَّمْتُهَا |
|
ونَقَرْتَها بِيِدَيْكَ كُل مُنَقَّرِ (١) |
فوضعَ (نَقَرْتَ) مَوضِعَ نَقَّرْتَ وعَلَيهِ جاءَ بالمَصْدَرِ ، فَقَالَ : كُلَّ مُنَقَّرِ. وعِلَّةُ هَذَا هُو مَا تَعلم من وقوع المصدر دالاًّ على الجنس وإذا أَفْضَتْ بِك الحالُ إلى عمومِ الجنسيَّةِ فَقَدْ اغتَرَقْتَ (٢) وتَجَاوزْتَ حَدّ الشِّياعِ والكثرةِ (٣).
وقَرأ مُعَاذُ بنُ جَبَل على المِنبر : (إلاَ سَبِيلَ الرّشَّادِ) (٤) ، أَيْ : سبيل الله.
قَالَ أَبو الفتح : يَنْبَغي أَنْ يكونَ هَذَا من قَولِهِم : رَشِدَ يَرْشَدُ ، كَعَلاَّم مِنْ عَلِمَ يَعْلَم ، أَو مَنْ رَشَدَ يَرْشُدُ ، كَعَبَّاد مِنْ عَبَدَ يَعْبُدُ ، ولاَ يَنْبَغِي أَنْ يُحمَل عَلَى أَنَّه مِنْ أرْشَدَ يُرشِدُ لأَنَّ فَعَّالاً لَمْ يَأتِ إلاّ فِي أحرف مَحْفوظة ، وهي أَجبَرَ فَهْو جَبَّار وأسأَرَ فَهْو سَآر ، وأَقْصَرَ فَهْو قَصَّار ، وأَدْرَك فَهْو دَرَّاك ، وأَنشدوا للأخطل :
وشارب مُربح بالكَأَسِ نَادَمَنِي |
|
لاَ بالحصورِ ولاَ فِيَها بسآر (٥) |
وأجود الروايتين (بِسُوَّارِ) ، أيْ : بِمعرَّبِد. وأنشدَ ابنُ الأعرابي : (غيرَ قَصَّارِ).
وعَلَى أَنَّهم قَد قَالوا : جَبَرَهُ على الأمر وقَصر عن الأمر فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ جَبَّار وقَصَّار مِن فَعَل ، هذينِ الحرفينِ ، وكَذا يَنبغي أنْ يُعتقد أيْضاً فِي سآر ودرَّاك عَلى أَنَّهُمَا خَرَجَا بِحَرْفِ الزّيادةِ ، فَصَارَا إلى سَآر ودَرَّك تَقْدِيراً ، وإنْ
__________________
(١) يروى (لكعبة) مكان (لقبلة). انظر : معاني القرآن للأخفش : ١٤٥ / أ.
(٢) اغترق النازُع في القوسَ أَيْ : اسْتَوفَى مَدُّهَا. انظر : مختار الصحاح : ٤٧٢.
(٣) المحتسب : ٢ / ٦.
(٤) من قوله تعالى من سورة غافر : ٤٠ / ٢٩ (وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ).
(٥) يروى (بِسَوَّار) مكان (بِسَآر). انظر : الديوان : ١١٦ ومعجم شواهد العربية : ١ / ١٨٠.