(يَسْجُدَانِ) وهي جملةٌ مِنْ فعل وفَاعِل ، والعطفُ يَقتِضي الَتمَاثُلَ فِي تَركِيبِ الجُمَلِ ، فيصيرُ تقديرُهُ : يسجدان ورفع السماءَ ، فَلَمَّا أضْمَرَ (رَفَعَ) وفَسَّرَهُ بِقْولِهِ : (رَفَعَهَا) كَقَولِكَ قَامَ زيدٌ وعَمراً ضربْتُهُ ، أي وضَرَبْتُ عمراً ، لِتَعْطِف جملةً مِنْ فِعْلِ وفَاعِل عَلَى أُخْرَى مِثلها (١).
وفي نصبِ (السَّماء) عَلَى قراءَةِ الجماعةِ ردٌّ عَلَى أَبِي الحَسَن فِي امتناعِهِ أنْ يَقُولَ زيدٌ ضَرَبْتُهُ وعمراً كَلَّمْتَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُهُ وكَلَّمْتُ عَمراً عَطْفاً عَلَى ضَرَبْتُهُ. قَالَ : لاَِنَّ قَولَكَ : ضَرَبْتُهُ جملة ذات موضعِ مِنَ الإعراب ، لِكَونِها خبر مبتدأ ، وقَولُك وكَلَّمْتُ عَمْراً لاَ مَوضِعَ لَهَا مِنَ الإعراب ، لاَِ نَّها لَيْسَتْ خبراً عَنْ زيد لِخلوها مِنْ ضميرهِ ، قَالَ : فلا يُعطَفُ جملة غير ذات موضع على جملة ذاتِ موضع ، إِذْ العطفُ نظيرُ التثنيةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَناسَبَ المَعْطوفُ والمَعْطُوفُ عَلَيهِ (٢).
وهَذَا سَاقِطٌ عِنْدَ سيبويه (٣) وذَلَك أَنَّ ذَلِكَ المَوضِع مِن الإعراب لَمَّا لَمْ يَخْرُجْ إِلى اللفظِ سَقَطَ حُكُمه وجَرَتْ الجمْلَةُ ذاتُ الموضِعِ كَغَيرِهَا مِنَ الجملة غير ذاتِ الموضِعِ (٤) ، كما أَنَّ الضَّميرَ في اسمِ الفاعلِ لَمَّا لَمْ يَظْهَرْ إلى
__________________
(١) نقل الطبرَسِي كلامَ ابن جِني هَذا فِي مَجمَع البيان : ٢٧ / ٨٣.
(٢) عبارة الأخفش كَما رَواهَا الرضِي : (لا يجوز عطَفُ جملة لا محلّ لها على جملة لَهَا مَحلٌّ).
اُنظر : شرح الرضي على الكافية : ١ / ١٧٦.
(٣) مثال سيبويه : عمروٌ لقيته وزيدٌ كلّمتُهُ إنْ حَمَلْتَ الكلام على الأَوَّلِ ـ إنْ حملته على الاسم الَّذي بني عليه الفعل ـ وعمروٌ لقيتُه وزيداً كلّمتُه إنْ حَمَلْتَهَ عَلَى الآخر ـ على الاسم الذي بُني على الفعل ـ. انظر : الكتاب : ١ / ٤٧.
(٤) هذه إجابَة أَبي علي الفارسي أَخَذَهَا أَبو الفتح عِن شِيخِهِ وصُورتُها كَمَا في شرح الرَّضِي