فيهِ مَسؤولٌ عَنْهُ ، وذَلِكَ كَقَولِ عَلقَمةَ بن عَبدَةَ :
هَلْ مَا عَلِمْتَ ومَا استودِعْتَ مَكْتُومُ |
|
أَمْ حَبْلُهَا إذْ نَأَتَكَ اليومَ مَصْرُومُ (١) |
كَأَ نَّهُ قَالَ : بَلْ أَحَبْلُهَا إِذْ نَأَتْكَ اليوم مَصْرومُ؟ ويُؤكِّدُهُ قَولُهُ بَعْدَهُ :
أَمْ هَلْ كَبير بَكَى لَمْ يقضِ عَبرَتَهُ |
|
إِثْرَ الأحِبَةِ يَومَ البَينِ مَشْكُومُ (٢) |
أَلاَ تَرَى إلى ظهورِ حرفِ الاستفهامِ ، وهْو (هَلْ) فِي قولهِ : أمْ هَلْ كَبِيرٌ بَكَى حَتَّى كَأَ نَّهُ قَالَ : بَلْ هُو كَبيرٌ؟ تَرَك الكلامَ الأَولَ وأَخَذَ في استفهام مُسْتَأ نَف.
وقَدْ تَوالَتْ (أَمْ) هذه في هذا الموضع من هذه السورة : قال تعالى : (أَم يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المَنُونِ) (٣) ، أَي : بَلْ أيقولون ذلك؟ (أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُم بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُون) (٤) أَي : بَلْ أَهُمْ قومٌ طَاغُونَ؟ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الاستفهامِ ، وإنْ كَانُوا عِنْدَهُ تعالى قوماً طاغينَ ، تَلَعُّبَاً بِهِم وتَهَكُّمَاً عَلَيْهِم. وهَذَا كقولِ الرَّجُلِ لِصَاحِبِه الَّذِي لاَ يَشكُّ في جَهْلِهِ : أَجَاهِلٌ أَنْتَ؟ تَوبِيخاً لَهُ ، وتَقبِيحاً عَلَيه. ومَعْنَاهُ إنّي قَدْ نَبَّهْتُك عَلَى حالِكَ فانتبه لَها ، واحْتَطْ لِنَفْسِكَ مِنْهَا.
قَالَ صخر الغيّ :
أرائحٌ أَنْتَ يَومَ اثنينِ أَمْ غَادِي |
|
ولَمْ تُسَلِّم عَلَى رَيْحَانَةِ الوادِي (٥) |
__________________
(١) الديوان : ٥٠ والكتاب : ١ / ٤٨٧ وأمالي الشجري : ٢ / ٣٣٤ ولسان العرب : ـ أمم ـ ١٤ / ٣٠٣ وشرح المفصل : ٨ / ١٥٣ ورصف المباني : ٩٤ والخزانة ـ بولاق ـ ٤ / ٥١٦.
(٢) الديوان : ٥٠ والكتاب : ١ / ٤٨٧ ولسان العرب : ١٤ / ٣٠٣.
(٣) سورة الطور : ٥٢ / ٣٠.
(٤) سورة الطور : ٥٢ / ٣٢.
(٥) اللسان : ١٨ / ١٢٨ ومعجم شواهد العربية : ١ / ١٢٠.