عُومِلاَ فِي مَواضَعَ معاملتِهِ ما حكاهُ أبو عمرو الشيباني من قَولِهِم في حَضْرَمَوت : حَضْرَمُوتْ بضمّ المِيمِ ، لِيَكونَ كَحَذْرَفُوت (١) وتَرْنَمُوت (٢)
وعَنْكَبُوت وهَذَا واضِحٌ (٣).
وقَرَأَ يحيى والأَعْمَش وطلحة بن سليمان : (عَشِرةَ) (٤).
وقُرِئَ (عَشَرَة) بفتح الشين بخلاف.
قَالَ أَبُو الفتح : أَمَّا (عَشِرَةَ) بِكَسْرِ الشين فَتَمِيمية ، وأَمَّا إسكَانُها فَحِجَازِيةٌ.
واعْلَمْ أَنَّ هَذَا مَوضِعٌ طريفٌ : وذَلِكَ أَنَّ المَشْهُورَ عَنْ الحِجَازِيِينَ تحريك الثَّاني مِنَ الثّلاثي إذَا كَانَ مَضْمُوماً أو مكسوراً نحو الرُّسُل والطُّنُب والكَبِدِ والفَخِذ ونَحو ظَرُفَ وشَرُفَ وعَلِمَ وقَدِمَ ، وأَمَّا بَنُو تمِيم فَيُسَكِّنُونَ الثَّانِي مِنْ هَذَا ونحوه ، فيقولونَ : رُسْل وكُتْب ، وكَبْد ، وفَخْذ ، وقد ظَرْفَ ، وقَدْ عَلْمَ لَكِنَّ القبيلتينِ جَمَيعاً فَارَقَتَا فِي هَذَا المَوضِعِ مِن العَدَدِ مُعْتَادَ لُغَتِهَما ، وَأَخَذَتْ كُلُّ وَاحِدَة مِنْهُمَا لُغَةَ صَاحِبَتِهَا ، وَتَرَكَتْ مَأْ لُوفَ اللغة السائرةِ عَنْهَا ، فَقَالَ أَهْلُ الحِجازِ : اِثْنتَا عَشْرَةَ بالإسْكَانِ ، والتميمون : عَشِرَةَ بالكسرِ.
وسَبَبُ ذَلِكَ ما اذْكُرُهُ ، وذَلِكَ أَنَّ العَدَدَ مَوضِعٌ يَحدثُ مَعَهُ تَرْكُ الأصول وتُضَمُّ فِيهِ الكلم بَعْضُهُ إلِى بَعْض ، وذَلِك من أَحَدَ عَشَرَ إلى تِسْعَةَ عَشَرَ.
فَلَمَّا فارقوا أُصولَ الكلامِ مِنَ الإفرادِ وصَارُوا إلَى الضَّمِّ فَارَقُوا أَيْضاً
__________________
(١) حذرفوت : قلامة الظفر. لسان العرب : ٢ / ٣٢٨.
(٢) قوس ترنموت : لها حنين عند الرَّمِي. لسان العرب : ١٥ / ١٤٩.
(٣) المحتسب : ١ / ٣٣٢.
(٤) من قوله تعالى من سورة الأعراف : ٧ / ١٦٠ : (وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً).