قَالَ ابنُ مجاهد : لاَ أَدرِي ما هي؟ قَالَ أَبو الفتح : هذا الذي أَنكره ابنَ مجاهد معروفٌ ، وذلكَ على أنْ تَجْعَلَ (لا) نفياً أي : وليس ينبغي أنْ يُضَارَّ كقوله :
عَلَى الحَكِمِ المَأتِي يَوماً إذَا قَضَى |
|
قَضِيَّتَهُ أَلا يَجُورَ وَيَقْصِدُ (١) |
فَرَفَع (يقصدُ) على أَنَّهُ أَرادَ : وينبغي لَهُ أَنْ يقْصدَ فَرَفَعَ يَقْصِدُ كَمَا يرتفعُ ينبغي (٢) فكذا هذا أي : وينبغي (ألاَ يُضَار). وَإنْ شِئْتَ كَانَ لفظْ الخَبر عَلَى مَعْنَى النَّهي حَتَّى كَأَ نَّهُ قَالَ : وَلاَ يُضَارِرْ ، كَقْولِهِم في الدُّعَاءِ : يرحمُهُ اللهُ أيْ : لِيَرْحَمْهُ اللهُ ويغفرُ اللهُ لَكَ أَيْ : لِيَغفرَ اللهُ لَكَ ، وَلاَ يرحمُ اللهُ قَاتِلَكَ فرُفِعَ عَلَى لَفْظِ الخَبَرِ وَأَنْتَ تُرِيدُ : لاَ يَرحمْهُ اللهُ جزماً فَتأتِي بِلَفْظ الخَبَرِ وَأَنْتَ تُريدُ مَعْنَى الأمْرِ والنَّهي عَلَى مَا ذَكَرْنَا (٣).
قَرَأ أَبو مُسلم صاحبُ الدولة : (فَلاَ يُسْرِفُ فِي القَتْلِ) (٤).
قَالَ أبو الفتح : رفع هذا على لفظ الخبر بمعنى الأَمر كقولِهِم : يرحمُ اللهُ زيداً ، فهَذا لفظ الخبر ، وَمَعْنَاهُ الدعاءُ. أَيْ : لِيَرْحَمْهُ اللهُ ومثله قوله :
__________________
(١) البيت لعبد الرَّحمن بن أُمِّ الحَكَمِ ويُنسَبُ إلى أَبِي اللحَّام التَّغلبي واسمُهُ حُرَيث.
ويروى (حق) مكان (يوم). انظر : الكتاب : ١ / ٤٣١ وشرح المفصل : ٧ / ٣٨ واللسان : ٤ / ٣٥٣ والخزانة ـ بولاق ـ ٣ / ٦١٣.
(٢) قال الأخفشُ : أرادَ فينبغي أَنْ يقصدَ فلمَّا حذفه وأوقع يقصد موقع ينبغي رَفَعَهُ لوقوعِهِ موقع المرفوع. وقال الفرَّاء : رفعه للمخالفةِ لاَِنَّ معناهُ مُخَالِفٌ لِمَا قبلهُ.
لسان العرب : ٤ / ٣٥٣.
(٣) المحتسب : ١ / ١٤٨ ـ ١٤٩.
(٤) من قوله تعالى من سورة الإسراء : ١٧ / ٣٣ : (وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِفْ فِّي الْقَتْلِ).