قوله : «فأمَّا مَا أنشدنا أبو علي عن الكسائي (ت / ١٨٩ هـ) من قول الشاعر :
أَخو الذّيبِ يَعوي والغُرابِ وَمَنْ يَكُنْ |
|
شَرِيكَيهِ تَطْمَعْ نَفْسُهُ كُلَّ مَطْمَعِ (١) |
ففيه نظر. وكان قياسه ومن يكنْ شريكيها أو من يكونَا شريكيه وقد كان أبو عليّ يتعسَّفُ هذا» (٢).
وربما وَجَدَ شَيخَهُ يتأوّل في بعضِ المسائلِ فَيُنَبّه على ذلك (٣) وإذا وَجَدَ رأياً راجحاً على رأي شيخِهِ أَخَذَ بِهِ (٤) وَقَد يهجُرُ رأي شيخِهِ ويأتي بما يراه أَحسنَ (٥) ، وقد يختلف معه (٦).
وقد تأ ثّر ابنُ جنِّي بأُستاذِهِ أَبي عليّ الفارسي باستعمالِ المنطقِ في احتجاجه (٧) ، ولكنَّهُ لا يبالغ في ذلك مبالغة أُستاذه الذي كان أُسلوبُهُ غَامِضاً أَحياناً ، أَمَّا أسلوبُ ابنِ جِنِّي فهو سلسٌ خال مِنَ التعقيدِ ، وكما كان أبو عليّ لا يطلق القول من غير تثبُّت ، ولكنّه يحتاطُ أحياناً كقوله : (... فيما أَظن) (٨) أو (أحسبني فقد سمعت) (٩) فقد تأثّر ابن جنّي بهذا فكان يقول لتثبّته : (فيما
__________________
(١) البيت لغضوب امرأة من رهط ربيعة بن مالك. انظر : النوادر : ١١٩ والخصائص : ٢ / ٤٢٣.
(٢) المحتسب : ٢ / ١٨٠.
(٣) المحتسب : ٢ / ٢٣٩.
(٤) المحتسب : ٢ / ٢٢٨.
(٥) التمام : ٢١٨.
(٦) ابن جني النحوي : ٣١٨.
(٧) المحتسب : ١ / ٩٥ ـ ٩٦ و ١ / ٣٢٦.
(٨) الشيرازيات : ١ / ١٠ / أ.
(٩) الشيرازيات : مسألة ٣٨ / ١٥.