وقرأ الحسن (وَمَاَ تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطُونَ) (١).
قال أبو الفتح : هذا مما يعرض مثله للفصيح ، لتداخل الجمعين عليه ، وتشابههما عنده ، ونحو منه قولهم : مَسِيل فيمن أَخَذَهُ مِنَ السيل ، وعليهِ المعنى ، ثمّ قَالُوا فيهِ : مُسْلاَن وأمسِلَة وَمَعِينٌ (٢) وأقوى المعنى فيه أن يَكُون من العيون ثمّ قالوا : سَالتْ مُعْنَانُهُ (٣).
فإنْ قُلتَ : فَقَد حَكى يعقوب (٤) وغيرُهُ فِي واحده : مَسَل وَمَسْل ، قيل : يُشْبِه أَنْ يَكونَ ذَلِك لِقولِهم : مُسْلان. فلما سمعوا مُسْلاناً جاءوا بواحِدِهِ على فعْل ، كَبَطْن وَبطْنَان وَظَهر وَظُهرَان ، وعلى فَعَل كَحَمَل وَحُمْلان وأخ وأُخْوَان ـ فيمن ضم ـ. كما قال أبو بكر : إنَّ مَنْ قَالَ ضَفَنَ يَضِفَن فَإنَّما حمله على ذلك الشبهةُ عليهم في قولهم : ضَيْفَن ، إذ كان ضَيْفَن ظاهر لفظِهِ بأنْ يكون فَيْعَلاً لا فَعْلَناً ، وعلى كُلّ حال فـ (الشياطون) غلط ، لكن يُشبِهُهُ ، كما أَنَّ مَن هَمَزَ مصائب كَذَلِك عَنْهُم (٥).
__________________
(١) من قوله تعالى من سورة الشعراء : ٢٦ / ٢١٠ : (وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ) ، وانظر القراءة المذكورة : ص ٤٨.
(٢) مَعين الماءِ : الظاهر الجاري وقيل الماءُ العذبُ. انظر : اللسان : ١٧ / ٢٩٨.
(٣) المُعنان : جمع مَعين وهو الماء الظاهر. يقال : مياه مُعنان وماءٌ معين ، أي جار.
انظر : اللسان : ١٧ / ٢٩٨ والمحتسب : ٢ / ٦٩.
(٤) عبارة يعقوب بن السكيت : وتقول : هو مَسِيل الماء والجمع أمْسِلَة ومُسُل وَمُسْلان ومسائِل. ويقال للمسيل : مَسَل.
انظر : إصلاح المنطق : ٣٧١.
(٥) المحتسب : ٢ / ١٣٣.