والثاني : من ترك الوقوف على نفس المشعر الذي هو الجبل فإنه يستحب الوقوف عليه عند أصحابنا وجب عليه بدنة.
وكلا الاحتمالين خلاف لما ذكره علماؤنا ؛ فإن أحداً من علمائنا لم يقل بصحة الحج مع ترك الوقوف بالمشعر عمداً مختاراً ؛ ولم يقل أحد منهم بوجوب الوقوف على نفس المشعر الذي هو الجبل وإن تأكد استحباب الوقوف به.
قال : وحمل كلامه على الثاني أولى ؛ لدلالة سياق كلامه عليه.
قال : ويحتمل ثالث وهو : أن يكون قد دخل المشعر الذي هو الجبل ثم ارتحل متعمداً قبل أن يقف مع الناس مستخفاً (١) ؛ للصحيح : « من أفاض من عرفات فلم يلبث معهم بجمع ومضى إلى منى متعمداً أو مستخفاً فعليه بدنة » (٢).
ويضعّف : بأن المناسب للخبر أن يكون دخل جمعاً لا الجبل.
والأولى حمل الخبر وكلامهما على إدراك مسمّى الوقوف ليلاً والإفاضة قبل وقته إلى طلوع الفجر ، وقد تقدّم أن عليه شاة ولم يبطل حجه ، ولهذا قيّد الماتن البطلان بما إذا لم يقف به ليلاً مؤذناً بصحة الحج مع الوقوف به ليلاً كما مضى ، ولكن يشكل إيجاب البدنة ، والأظهر الأشهر الشاة كما قدّمنا (٣).
( ولا يبطل ) الحج بتركه ( لو كان ناسياً ) إذا كان وقف بعرفات
__________________
(١) المختلف : ٣٠٠.
(٢) الكافي ٤ : ٤٧٣ / ٦ ، الفقيه ٢ : ٢٨٣ / ١٣٨٨ ، التهذيب ٥ : ٢٩٤ / ٩٩٦ ، الوسائل ١٤ : ٤٨ أبواب الوقوف بالمشعر ب ٢٦ ح ١.
(٣) راجع ص ٢٩٨٨.