الاستطاعة مطلقاً ، لإطلاق النص ؛ وذلك لأن الإطلاق لا عموم فيه ، فينصرف إلى الغالب ، وهو حصول الاستطاعة البدنية المعتبرة في نحو المسألة ، كما عرفته ، فلا يشمل ما لو لم يكن هناك استطاعة بالكلية فتكلّف الحجّ بجهد ومشقة ، فكيف يمكن الحكم بالإجزاء عن حجّة الإسلام لو استطاع بعده؟
ثم لو سلّم الإطلاق أو العموم لكان معارضاً بعموم ما دلّ على شرطية الاستطاعة من الكتاب والسنّة.
والتعارض بينهما تعارض العموم والخصوص من وجه ، فلا بدّ لترجيح هذا الإطلاق من دلالة ، وهي مفقودة. ولو وجدت من نحو أصل البراءة لكانت هي الحجّة ، دون الإطلاق ، مع أنّ العمل به مشروط بتكافؤ المتعارضين وتقاومهما.
ولا ريب أنّ عموم الشرطية أقوى سنداً ومتناً ودلالة ، بل ربما يظهر من بعضهم كونها مجمعاً عليها (١) ، فإذاً عدم الإجزاء حيث لم يستطع مطلقاً لعلّه أقوى.
ثمّ إنّ ما مرّ عن التذكرة من إلحاق الصبي بالعبد في إجزاء حجّه عن حجة الإسلام بكماله عند أحد الموقفين محكي عن المبسوط والخلاف والوسيلة (٢) ، بل هو المشهور بن الأصحاب ، كما صرّح به جماعة (٣) وزادوا المجنون أيضاً ، مع أن إلمحكي عن الكبت المزبورة الصبي خاصة.
وكيف كان ، فلم نقف له على حجّة يعتدّ بها ، عدا ما يحكى عن
__________________
(١) الحدائق ١٤ : ٨٠.
(٢) المبسوط ١ : ٢٩٧ ، الخلاف ٢ : ٣٧٨ ، الوسيلة : ١٩٥.
(٣) منهم الشهيد في المسالك ١ : ٨٧ ، وصاحب الحدائق ١٤ : ٦٠ ؛ ونسبه في الكفاية : ٥٦ إلى الأكثر.