مكة وإن كانت إقامته في النائي أكثر ؛ لما مرّ من أن إقامة السنتين توجب انتقال حكم النائي الذي ليس له بمكة منزل أصلاً ، فمن له مسكن أولى.
ومنع الأولوية كما اتّفق لبعض المعاصرين (١) لم أعرف له وجهاً.
( و ) اعلم أنه ( لا يجب على المفرد والقارن هدي ) التمتع ( و ) إن استحب لهما الأُضحيّة ، بل ( يختص الوجوب بالتمتع ) بالكتاب والسنّة والإجماع. وسيأتي الكلام مفصّلاً في المقامين إن شاء الله تعالى.
( ولا يجوز القران بين الحج والعمرة بنية واحدة ) بمعنى أن يكتفي بها لهما ولم يحتج إلى إحرام آخر ، بل ولا إحلال في البين ، سواء في ذلك القران وغيره ، على المشهور ، بل عن الخلاف أنّ عليه الإجماع (٢).
قيل : لأنهما عبادتان متباينتان لا يجوز الإتيان بإحداهما إلاّ مع الفراغ من الأُخرى ، ولا بدّ في النية من مقارنتها المنوي ، فهو كنية صلاتي الظهر والعصر دفعة (٣).
وفيه : أن مقتضاه الفساد ، لا التحريم ، كما هو محل البحث في ظاهر العبارة وغيرها ، بل صريح بعضها ، إلاّ أن ينضم إلى النية قصد التشريع فيحرم من جهته ، فلا بدّ من ذكر هذا القيد في الدليل.
ثم إن ما أفاده الدليل من الفساد هو ظاهر كل من منع من الأصحاب على ما يظهر من المختلف وصرّح به (٤) ، وكذا الشهيدان في الدروس واللمعتين (٥) ، وعلّله ثانيهما بالنهي المفسد للعبادة ، وغيره بفساد النية ،
__________________
(١) الحدائق ١٤ : ٤٣١.
(٢) الخلاف ٢ : ٢٦١.
(٣) كشف اللثام ١ : ٢٨٤.
(٤) المختلف : ٢٦١.
(٥) الدروس ١ : ٣٣٤ ، اللمعة ( الروضة البهية ٢ ) : ٢١٩.