يمضي ، وهو مباح له قبل ذلك ، وله أن يرجع متى ما شاء ، وإذا فرض على نفسه الحج ثم أتمّ بالتلبية فقد حرم عليه الصيد وغيره ، ووجب عليه في فعله ما يجب على المحرم ؛ لأنه قد يوجب الإحرام ثلاثة أشياء : الإشعار والتلبية والتقليد ، فاذا فعل شيئاً من هذه الثلاثة فقد أحرم ، وإذا فعل الوجه الآخر قبل أن يلبّي فقد فرض (١). انتهى.
ولعلّ الترجيح لهذه الجمع ؛ لوضوح الشاهد عليه من النصوص المعتبرة المفتى بها عند شيخ الطائفة.
إلاّ أن يقال : إن ظاهرها انعقاد الإحرام بالنية من غير تلبية من جهة ، وعدمه من جهة أُخرى.
وهذا التفصيل لم يظهر به قائل من الفقهاء ، بل ظاهرهم أنه إن انعقد بها من دون التلبية انعقد مطلقاً ، فيحرم عليه الصيد أيضاً ، وإلاّ فلا كذلك ، فيجوز له الرجوع والمضي إلى أهله. وفتوى الشيخ غير معلومة ؛ لاحتمال ذكره ذلك احتمالاً وجمعاً. لكنه خلاف الظاهر ، وعدم ظهور قائل بخلاف ذلك أو ظهور كلام الأكثر فيه ليس إجماعاً ، سيّما مع فتواهم بجواز المحرّمات بعد النية قبل التلبية من غير تصريح بوجوب إعادتها عند التلبية كما يأتي ، فيكون النصّ الشاهد عن المعارض سليماً ، فيتعيّن العمل به جدّاً.
وعلى هذا فمعنى عدم الانعقاد إلاّ بها أنه ما لم يلبِّ كان له ارتكاب المحرّمات على المحرم ، ولا كفارة عليه وإن لم يجز له فسخ النية. ولكن الأحوط مراعاة المقارنة ، خروجاً عن شبهة الخلاف فتوًى وروايةً.
( أمّا القارن فله أن يعقده ) أي الإحرام ( بها ) أي بالتلبية ( أو
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٨٣.